You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
غير مرئي، ويبدو سطح السفينة مثل بقعة من الظلمة. لم يكن هناك ولو<br />
مصدر ضوء وحيد.<br />
خلفي نافذة، نظرت عبرها فرأيت رجالً يتطلَّع -باهتمام- إلى شيء ما،<br />
ويُدير عجلة ما، وعلى وجهه تعبير كما لو كان يعزف السيمفونية التاسعة.<br />
وإلى جواري يقف الربّان، ممتلئ الجسد قليالً، مرتدياً حذاءه الجلدي.<br />
تحدَّ ث إليّ عن المهاجرين القوقاز، وعن حرارة الجو، وعن عواصف<br />
الشتاء، وفي الوقت ذاته يتطلَّع إلى شيء ما في الظالم؛ يبدو بعيداً،<br />
وباتجاه الشاطئ.إذا به يقول لشخص ما: »يبدو أنك تنحرف كثيراً إلى<br />
اليسار مجدَّ داً، البدّ من وجود أضواء هنا. هل تراها؟«. وإذا بشخص<br />
ما يجيب من وسط الظلمة: »ال يا سيدي«، ليردّ عليه: »تسلَّق، وتفقَّد<br />
األمر«.وإذا بكتلة من الظلمة تظهر فوق منصّ ة الربّان وتتسلّق بتؤدة. وفي<br />
غضون دقيقة سمعنا: »نعم يا سيّ ِ دي«.<br />
تطلَّعت إلى اليسار حيث يُفترَض أن تأتي أضواء الفنار، واستعرت منظار<br />
الربّان، لكنني لم أرَ شيئاً. وبعد مرور نصف ساعة، ثم ساعة، لم يتغيَّر<br />
شيء. وال يزال الصاري يتمايل بانتظام، والماكينات تتعالى أصواتها،<br />
والريح تعبث بقبَّعتي. لم تكن الظلمة حالكة، لكن هناك ما يدفع إلى<br />
الترقُّب.<br />
وفجأة، قذف الربّان شيئاً ما، بعنف إلى ِ مؤخّ رة الباخرة، وهو يصيح:<br />
»يالك من ماكينة ال نفع منك!«.<br />
صرخ بتوتُّر بأعلى صوته: »إلى اليسار، إلى اليسار..، إلى اليمين! يااااه!«.<br />
تعالت، باألوامر أصوات غير مفهومة. وبدأت الباخرة تتحرَّك، وصدر<br />
صوت صرير عن الماكينات.»يااااه!«، صرخ الربّان. وعند مقدّ ِ مة الباخرة<br />
125