Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الذي -غالباً- ما يمارس معنا أالعيب تفوق قدرتنا على التوقُّع. ففي<br />
صباح الثالثاء، خرجت في جولة على شاطئ بحيرة بيكال، وإذا بي أرى<br />
أمامي مدخنة باخرة صغيرة، واألدخنة تتصاعد منها. تساءلت عن وجهة<br />
هذه الباخرة، فأخبروني بأنها ِ متوجّ هة إلى كليوفو »الجهة األخرى من<br />
البحر«، فلقد استأجرها أحد التجار لنقل بضائعه عبر البحيرة.<br />
وأضافوا: نحن أيضاً نرغب في عبور »البحر« والذهاب إلى محطة سكك<br />
حديد بويارسكايا. واستفسرت منهم عن المسافة بين كليوفو وبويارسكايا.<br />
فأخبروني أنها حوالي 27 فرستاً ))) . وعدت مسرعاً إلى رفاقي، وتوسَّ لت<br />
إليهم أن يقبلوا بمخاطرة الذهاب إلى كليوفو. وأقول »مخاطرة« ألن<br />
الذهاب إلى كليوفو - حيث ال شيء هناك سوى ميناء وكوخ لحارس-<br />
سيجعلنا نواجه خطر عدم العثور على خيول، وأن نضطر للبقاء في كليوفو،<br />
ونتأخر عن موعد القطار الذي سينطلق يوم الجمعة، وبالنسبة لنا هذا أسوأ<br />
من موت »إيجور«، ألننا سنضطرّ لالنتظار إلى الثالثاء. ووافق رفاقي.<br />
وتشاركنا جميعنا في حزم أمتعتنا، وبكل بهجة ركبنا الباخرة، وتوجّ هنا<br />
مباشرة إلى البار، وطلبنا أطباق شوربة: طبق شوربة بحق الرب!، نصف<br />
مملكتي لقاء طبق شوربة!. كان البار كريهاً وضيّقاً للغاية، لكن الطاهي،<br />
جريجوري إيفانيتش، والذي سبق له أن عمل خادماً منزلياً في فورنيز،<br />
كان في قمة أدائه المهني. قَدَّ م لنا طعاماً شهيّاً للغاية. وكان الطقس<br />
مستقرّاً ومشمساً. وكان لصفحة مياه بحيرة بيكال لون التركواز، كانت<br />
أكثر شفافية من مياه البحر الميت. ويقولون إنه، في المواضع العميقة<br />
منها، بوسع المرء أن يرى القاع على مبعدة فرست واحد؛ ولقد رأيت أنا<br />
نفسي مثل ذلك العمق، حيث الصخور والجبال تنعكس بلون هو مزيج<br />
من التركواز واألزرق، مما جعلني أشعر بقشعريرة تسري في جسدي كله.<br />
1- :Verst الفرست، مقياس روسي للمسافة يعادل 3500 قدم.<br />
22