BOOK 85-small

أركب اآلن في الدرجة األولى،‏ ألن رفاقي في الدرجة الثانية،‏ ورغبت في
االبتعاد عنهم.‏ فلقد كنا معاً‏ ‏)ثالثة في عربة شيز(،‏ ونمنا معاً،‏ لقد مَلَّ‏ كل
منا من اآلخر،‏ خاصة أنا.‏ أعتذر لرداءة خطّ‏ ي،‏ ويرجع ذلك إلى اهتزازات
الباخرة التي تجعل الكتابة صعبة للغاية.‏
ولهذا توقّفت عن الكتابة،‏ وتوجّ‏ هت إلى حجرة ضابطَ‏ ي الباخرة،‏ وشربت
شاياً.‏ كانا كالهما قد حظي بفترة نوم طويلة؛ مما جعلهما في مزاج
معتدل للغاية.‏ وكان أحدهما،‏ الضابط ‏»ن«‏ ‏)كان لكنيته وقع سيء على
أذني(،‏ ضابطاً‏ في سالح المشاة،‏ وكان طويل القامة،‏ قوي البنية،‏ يتمتّع
بصوت جهوري،‏ وكان متفاخراً‏ تيّاهاً‏ بنفسه،‏ يغنّي أغنيات من جميع
األوبرات،‏ لكن،‏ لم تكن لديه أذن موسيقية،‏ وكان رفيقاً‏ غير محظوظ،‏
بدّ‏ د كل ماله على نفقات أسفاره،‏ وكان يحفظ كل أعمال مياكوفسكي
عن ظهر قلب،‏ سيّ‏ ء التنشئة ِ ومتحرّر للغاية،‏ ويثرثر لدرجة تدفع من ينصت
إليه إلى الغثيان.‏ وهو،‏ مثلي،‏ مغرم بالحديث عن أعمامه وعمّ‏ اته.‏
أما الضابط اآلخر،‏ ‏»م«،‏ فهو جغرافي،‏ مهذّ‏ ب،‏ متواضع،‏ ِ ومتعلّم بكل
معنى الكلمة.‏ ولوال وجود ‏»ن«،‏ لكنت مستعداً‏ للسفر ماليين الفرسات
دون ضجر.‏ لكن بصحبة ‏»ن«،‏ الذي يقحم نفسه في كل حديث،‏ أصبح
اآلخر مضجراً‏ لي أيضاً..‏ أظن أننا وصلنا جوربيتسا.‏
غداً‏ سأعدّ‏ لكم صيغة البرقية التي أريدكم أن ترسلوها إليَّ‏ في سَ‏ خالين.‏
وسأحاول أن أصوغ كل ما أريد معرفته عنكم فيما ال يزيد عن ثالثين
كلمة،‏ ويجب عليكم أن تحاولوا االلتزام بالنموذج.‏
يالها من ذبابة خيل،‏ ال تتوقَّف عن القرص!.‏
26