Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
فرستاً. وعند السير ليالً، تسير العربة وتسير حتى تشعر بالسخف وبالدوار،<br />
وإذا جازفت بسؤال السائق: كم تبعد المحطّ ة التالية؟ لن يجيبك برقم<br />
أقلّ من )سبعين فرستاً(، وتترك هذه اإلجابة ألماً في النفس، خاصة<br />
عندما تكون مضطرّاً لإلسراع في طريق موحل ممتلئ بالحُ فر،وعندما<br />
تكون ظمآن.<br />
لقد تعلّمت أن أنام وسط الضجيج، وال أمانع -مطلقاً- يقومون بإيقاظي.<br />
كقاعدة ال ينام المرء ليوم وليلة، ثمّ في اليوم التالي عند وقت الغداء يشعر<br />
المرء بثقل في جفونه، وفي المساء والليل، قرب فجر اليوم الثالث، ينعس<br />
المرء في عربة الشيز، وأحياناً يغفو لدقائق وهو جالس، وعلى العشاء<br />
وبعده في المحطات، وبينما تحظى الخيول بفترة الراحة دون سروجها،<br />
يستلقي المرء على كنبة، لكن العذاب الحقيقي يبدأ في الليل.<br />
في المساء، وبعد تناول سبعة أكواب من الشاي، يحل الخدر بكامل<br />
الجسد، ويتوق المرء لالستلقاء على ظهره، تنغلق عيناه، وتؤلمه قدماه<br />
داخل حذائه البوت الضخم، ويصبح عقله مشوّشاً. وإذا تركت نفسي<br />
للنوم فإنني أغطّ في نوم عميق من فوري،وإذا كانت لديّ رغبة في<br />
االستمرار، فإنني أنام في عربة الشيز مهما كانت شدّ ة االرتجاجات<br />
وعند الوصول إلى المحطات، يقوم السائقون بإيقاظ الراكب ليدفع أجرة<br />
السفر. وال يقومون بإيقاظ الراكب عن طريق الصراخ أو جذبه من كمّ ه،<br />
بقدر ما ِ تسبّب ذلك رائحة الثوم التي تفوح من أفواههم، تفوح منهم<br />
رائحة الثوم والبصل دائماً لدرجة تصيبني بالغثيان.<br />
تعلمت النوم في عربة الشيز بعد أن تجاوزنا كراسنويارشك. وفي الطريق<br />
إلى إركيوتشك نمت طوال ثمانية وخمسين فرستاً، ولم أستيقظ خاللها<br />
79