٤٤- النعمة الكبرى على العالم في مولد سيد ولد آدم

- ٣٠٥ -
سائر البلاد الاسلامية،‏ ويقرأون في ليالي ربيع الأول كتاب مولد النبي،‏ وكتب السيرة
النبوية،‏ والمدائح المحمدية،‏ ويظهرون فيه الفرح والسرور لميلاده صلى االله عليه وسلم،‏
ويتصدقون للفقراء ويكرمون فيه الضيوف،‏ وينفقون الأموال بالاحتفالات ذه المناسبة
العظيمة،‏ ومن زعم أن هذا الجمع الغفير على مرور القرون مخطئون فهو المخطئ.‏
[١]
وفي كتاب مواهب الجليل المعروف بالخطاب في نمرة في التنبيه
٤٠٦
[٢]
الخامس منه قال الشيخ زروق في شرح القرطبية صيام يوم المولد كرهه بعض من
قرب عصره ممن صح علمه وورعه.‏
قال:‏
إنه من أعياد المسلمين فينبغي أن لا يصام
فيه وكان شيخنا أبوعبد االله الغوري يذكر ذلك كثيرا ويستحسنه انتهى قلت لعله
يعني ابن عباد فقد قال في رسائله الكبرى ما نصه:‏ أما المولد فالذي يظهر لي أنه عيد
من أعياد المسلمين وموسم من مواسمهم وكل ما يفعلونه فيه هو ما يقتضيه وجود
الفرح والسرور بذلك المولد المبارك،‏ من إيقاد الشمع وامتاع البصر والسمع والتزين
بلبس فاخر الثياب وركوب فاره الدواب،‏
أمر مباح لا ينكر على أحد،‏ قياسا على
غيره من أوقات الفرح،‏ والحكم بكون هذه الأشياء بدعة في هذا الوقت الذي ظهر
فيه سر الوجود وارتفع فيه علم الشهود وانقشع فيه ظلام الكفر والجحود،‏ وادعاء
أن هذا الشهر المبارك الذي ولد فيه سيد الوجود صلى االله عليه وسلم ليس من
المواسم المشروعة لأهل الايمان،‏ ومقارنة ذلك بالنيروز والمهرجان أمر مستثقل للغاية
تشمئز منه القلوب السليمة وتدفعه الآراء المستقمة،‏ ولقد كنت فيما خلا من الأيام
قد خرجت في يوم المولد إلى ساحل البحر فاتفق أن وجدت هناك سيدي الحاج بن
عاشر رحمه االله وجماعة من أصحابه
وقد أخرج بعضهم أطعمة مختلفة الألوان
ليأكلوها هناك فلما قدموها لذلك أرادوا مني مشاركتهم في الأكل وكنت إذ ذاك
صائما فقلت لهم إني صائم فنظر إلي ّ سيدي الحاج نظرة منكرة وقال لي ما معناه أن
١
( )
٢
مؤلف ‏(مواهب الجليل في شرح مختصر الخليل)‏ محمد الخطاب المالكي توفي سنة
م.]‏ في طرابلس الغرب
أحمد زروق الفاسي المالكي توفي سنة
٩٥٤ ه.‏ ١٥٤٧]
٨٩٩ ه.‏ ١٤٩٤]
( )
م.]‏