alarabi_July-Comp

Recommendations

Info

الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016 ارتأت ‏»بانيبال«‏ سلوك طريق صعب عجزت عن سلوكه كل املؤسسات الثقافية العربية الرسمية القائمة،‏ رغم األموال الطائلة املوضوعة حتت تصرفها،‏ وهو أن تكون مجلة لألدب العربي،‏ ولكن باللغة اإلجنليزية.‏ واألكثر من ذلك أن تكون مجلة معاصرة تقدم للقارئ باللغة اإلجنليزية أفضل النصوص العربية احلديثة وأرقاها،‏ ما جعلها تكون في الوقت ذاته أهم مجلة لألدب العربي احلديث أيضاً.‏ فهي ليست مجلة ناقلة للنصوص العربية إلى اللغة اإلجنليزية فحسب،‏ وإمنا مكتشفة أيضا للمواهب،‏ إذ ال يكاد عدد من أعدادها يخلو من أسماء شابة ومواهب واعدة جتد نصوصها ألول مرة طريقها إلى القارئ اإلجنليزي.‏ هناك في احلقيقة مرحلتان في نقل األدب العربي احلديث إلى العالم،‏ وأنا أعني ذلك متاماً:‏ مرحلة ما قبل ‏»بانيبال«‏ ومرحلة ما بعدها.‏ فقبل ‏»بانيبال«‏ لم تكن هناك سوى ترجمات محدودة لعدد قليل من الكتاب الذين يعرفهم املهتمون باألدب العربي.‏ ولم يكن هؤالء يعكسون في احلقيقة سوى حلظة معينة من تطور األدب العربي احلديث وليس املشهد كله،‏ ولم يكن القارئ الغربي يعرف شيئاً‏ حتى عن أسماء كبيرة في األدب العربي،‏ فضالً‏ عن نصوص الشبان اإلبداعية ومحاوالتهم التجديدية.‏ مع ‏»بانيبال«‏ انهار هذا احلاجز متاما.‏ ففي مقابل األسماء القليلة السابقة قدمت ‏»بانيبال«‏ العشرات،‏ بل املئات من األسماء اجلديدة طوال أعوامها العشرين املاضية،‏ بل إنها صارت تتصيد أي نص استثنائي،‏ وأحياناً‏ حتى قبل نشره بالعربية.‏ وفي الوقت ذاته لم تتوقف عن نشر ملفات وافية عن كتَّاب بارزين أو تخصيص محاور آلداب كل البلدان العربية تقريباً.‏ هذا العمل الكبير الرائد ما كان ميكن له أن يتم من دون حماسة وتضحية وجهد مارجريت أوبانك،‏ التي كرست كل وقتها له،‏ معتبرة إياه مشروع حياتها،‏ فهي لم تتردد منذ البداية في املغامرة حتى مبدخراتها القليلة في اإلنفاق على املجلة التي لم حتظ ‏)وهذا ليس غريباً‏ في أزمنة اجلهل العربي!(‏ بأي دعم من أي جهة ثقافية عربية رسمية.‏ لم يكن األمر يتعلق بالطباعة والتوزيع ونفقات البريد،‏ بل أيضاً‏ وقبل كل شيء بالترجمة إلى اللغة اإلجنليزية من قبل مترجمني محترفني ومعروفني،‏ يعتبرون ما يقومون به عملالً‏ مثل أي عمل آخر،‏ وهو حقهم بالطبع.‏ وبالتأكيد ال ينتهي األمر مع الترجمة،‏ فهناك التحرير الذي ال يتطلب مراجعة الترجمة وتدقيقها فحسب،‏ وإمنا أيضاً‏ حترير النص أسلوبياً‏ ولغوياً.‏ وهنا أيضاً‏ تتجلى براعة أوبانك كمحررة نصوص من الدرجة األولى،‏ بلغتها اإلجنليزية العالية وأسلوبها األدبي الرفيع.‏ فلكي تفهم النصوص العربية جيداً‏ تعلمت اللغة العربية أيضاً،‏ فضالً‏ عن معرفتها باللغة األملانية.‏ وألنه كان لي شرف اإلسهام في التحرير منذ أعداد املجلة األولى،‏ فقد كانت متعة كبيرة بالنسبة إلي دائماً‏ مراجعة عشرات ورمبا مئات النصوص معها.‏ فرغم أن القارئ كان يجد النص أمامه جاهزاً،‏ فإننا كنا نتحاور أحيانا أياماً‏ عدة حول املعادل اإلجنليزي لعبارة ما باللغة العربية مثالً.‏ كان حتى بعض أفضل املترجمني يرتكب أحياناً‏ أخطاء فاحشة في فهم املعنى،‏ وبخاصة في الشعر.‏ ولكن ذلك ما كان ليفوت على عيني أوبانك املدربتيني وعدم ترددها في استشارة العاملني معها ومناقشتها معهم.‏ من أوبانك يتعلم املرء معنى التكريس،‏ فهي غالباً‏ ما تعمل ساعات طويلة بال انقطاع،‏ بل وتظل أحياناً‏ ساهرة أمام ‏»كمبيوترها«‏ حتى ساعة متأخرة من الليل.‏ وأتذكر أنني كتبت ذات مرة نصاً‏ باللغة األملانية عن مهرجان برليني األدبي،‏ فأرادت ‏»بانيبال«‏ نشره أيضاً،‏ ولكن ذلك كان يتطلب بعض الوقت مني حتى أجنز ترجمته إلى اإلجنليزية،‏ فقامت مارجريت نفسها بترجمته بسرعة حتى ال يتأخر إرسال املجلة إلى املطبعة.‏ وما أكثر ما قامت به دائماً‏ مبثل هذه األعمال!‏ وفي حني أن العالقات بني الكتَّاب العرب لم تكن تخلو كالعادة من املشاحنات والنميمة والتحاسد أحياناً،‏ كانت أوبانك املالك الذي ينشر أجنحته على اجلميع،‏ متعاملة مبهنية عالية وأخالق رفيعة،‏ مترفعة عن الصغائر ومتفهمة لألوضاع النفسية الصعبة التي يعانيها أصدقاؤها العرب.‏ فما كان يعنيها قبل كل شيء هو محاولة تقدميهم بأفضل ما تقدر عليه إلى العالم،‏ مع نكران للذات قل نظيره،‏ إذ لم أسمعها وال مرة واحدة متتدح نفسها أو عملها أو تهتم لذلك،‏ وكأن كل ما تقوم به ال يتعلق بها بقدر ما يتعلق باآلخر.‏ أعرف أن اخلراب العربي الراهن ليس سياسياً‏ فحسب،‏ وإمنا ثقافي أيضا،‏ ولكنني لن أكف عن األمل في أن ندرك في يوم ما في املستقبل،‏ حينما نستعيد أرواحنا التائهة،‏ القيمة الثقافية احلقيقية ملا قامت به أوبانك من أجل إيصال األدب العربي احلقيقي إلى العالم > 111 حياة مكرسة من أجل األدب العربي
ملف ‏»بانيبال«...‏ حجر أساس أدبي ومعرفي صبحي حديدي ناقد ومترجم سوري مقيم في باريس حين بلغني نبأ اعتزام مارجريت أوبانك إصدار مجلة تختصّ‏ بترجمة األدب العربي الحديث إلى اللغة اإلنجليزية؛ أشفقت على هذا المشروع الوليد من مآلين:‏ أن يسير،‏ أوالً،‏ على منوال الدوريات األكاديمية التي تُعنى باآلداب األجنبية،‏ ولكنها تظلّ‏ نخبوية حبيسة المكتبات الجامعية ومراكز األبحاث،‏ بعيدة بالتالي عن متناول القارئ العريض؛ وثانياً،‏ أن تقع النماذج المختارة للترجمة في إسار النصوص الكالسيكية أو المدرسية،‏ ونتاجات مشاهير الكتّاب،‏ فتنأى بذلك عن المشهد الفعلي الحيّ‏ ، وبخاصة تجارب الشباب.‏ لكنّ‏ العدد األول،‏ الذي صدر في فبراير 1998، فاجأني على نحو مبهج متاماً،‏ إذْ‏ تضمّن حالة نادرة،‏ وجديدة استطراداً،‏ من التوازن في اختيار املوادّ:‏ فيه جتاورت قصيدة أدونيس مع قصائد أمجد ناصر،‏ ومع صوتين يكتبان أصالً‏ باإلجنليزية،‏ هما نتالي حنظل وخالد مطاوع؛ كما تُرجمت قصص قصيرة من املعلّم الكبير زكريا تامر،‏ إلى جانب طارق الطيب وعبدالله صخي؛ وحاور التحرير الشاعر العراقي سركون بولص،‏ مثلما استذكر املسرحي السوري سعدالله ونوس.‏ اإلصدارات الالحقة سوف تنجز مستويات أعلى من ذلك التوازن،‏ إياه،‏ وحتديداً‏ في األعداد اخلاصة التي تناولت أسماء فاعلة،‏ مثل محمود درويش وأدونيس وسعدي يوسف وزكريا تامر ودنيس جونسون دافيز؛ أو األعداد املكرّسة آلداب معظم البلدان العربية،‏ منفردة؛ أو أدب املرأة العربية،‏ والقصة القصيرة،‏ وأدب السجون،‏ واألدب العربي - األمريكي...‏ وهذه احلصيلة ترافقت مع تشجيع وإطالق جيل جديد من املترجمن متعددي اجلنسيات؛ كما انطوت على عنصر فنّي خاصّ‏ متثّل في إسناد صورة الغلالف إلى عدد من كبار التشكيلين العرب،‏ وإضفاء مسحة حيوية على اإلخراج من خالل استخدام الصورة والرسومات الداخلية.‏ لم يعد املشروع مبادرة تثاقفية تخصّ‏ الترجمة وحدها،‏ بل صار حجر أساس أدبياً‏ ومعرفياً‏ ال غنى عنه؛ يستحقّ‏ حتية كبيرة إلى الصديقة أوبانك،‏ والفريق العامل معها كامالً‏ > العدد - 692 يوليو 2016 112
Page 1 and 2:
العدد > 692 رمضان / شو
Page 3 and 4:
العدد - 692 رمضان،‏ ش
Page 6 and 7:
الكويت عاصمة الثقا
Page 8 and 9:
Page 10 and 11:
Page 12 and 13:
Page 14 and 15:
Page 16 and 17:
Page 18 and 19:
أوراق أدبية الكويت
Page 20 and 21:
Page 22 and 23:
Page 24 and 25:
Page 26 and 27:
Page 28 and 29:
Page 30 and 31:
Page 32 and 33:
Page 34 and 35:
Page 36 and 37:
Page 38 and 39:
Page 40 and 41:
Page 42 and 43:
Page 44 and 45:
Page 46 and 47:
Page 48 and 49:
Page 50 and 51:
Page 52 and 53:
Page 54 and 55:
Page 56 and 57:
Page 58 and 59:
Page 60 and 61: الكويت عاصمة الثقا
Page 72 and 73: نقد الكويت عاصمة ال
Page 82 and 83: ّ الكويت عاصمة الثق
Page 88 and 89: تاريخ وتراث الكويت
Page 92 and 93: عاصمة الثقافة اإلس
Page 94 and 95: شخصيات الكويت عاصم
Page 98 and 99: شخصيات الكويت عاصم
Page 102 and 103: ملف الكويت عاصمة ال
Page 130 and 131: وزارة اإلعالم نستق
Page 160 and 161:
Page 162 and 163:
Page 164 and 165:
Page 166 and 167:
Page 168 and 169:
Page 170 and 171:
Page 172 and 173:
Page 174 and 175:
Page 176 and 177:
Page 178 and 179:
المسابقة الثقافية
Page 180 and 181:
Page 182 and 183:
Page 184 and 185:
Page 186 and 187:
Page 188 and 189:
Page 190 and 191:
Page 192 and 193:
Page 194 and 195:
Page 196 and 197:
Page 198 and 199:
Page 200 and 201:
Page 202 and 203:
Page 204 and 205:
Page 206 and 207:
Page 208 and 209:
show all

alarabi_July-Comp

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

Delete template?

Save as template?