10.08.2016 Views

alarabi_July-Comp

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016<br />

وأيضاً‏ مبارزاته مع املادة اخلام في فيلم ‏»املرآة«؛ حيث<br />

بدأت فكرة ‏»املرآة«‏ كمشروع كتابة رواية عن ذكريات<br />

الطفولة،‏ ثم تطورت إلى كتابة سيناريو بعنوان ‏»نهار<br />

أبيض«،‏ لكنه لم يرض عن الكتابة األولى،‏ فتحول<br />

إلى فكرة عمل مقابلات مع أمه تتحدث فيها عن<br />

ذكرياتها مع طفولته هو شخصياً،‏ ومقابات أخرى مع<br />

زوجته ماريا فيشينياكوفا،‏ ثم استقر على فكرة فيلم<br />

‏»املرآة«‏ كما صوره في النهاية.‏ وحتى بعد التصوير،‏<br />

كانت هناك تعديات دائمة،‏ واستبعاد لبعض اللقطات<br />

‏»كاللقطة الصريحة التي يظهر فيها تاركوفسكي نفسه<br />

في الفيلم«،‏ وقرارات بإعادة تصوير لقطات أخرى،‏<br />

وإضافة لقطات جديدة.‏<br />

أما تصوير اللقطة األخيرة في فيلمه األخير<br />

‏»القربان«،‏ فرمبا لم توجد واقعة تعبر عن املعاناة<br />

والكرب اللذين كان يتعرض لهما تاركوفسكي في<br />

حياته وعمله أكثر مما تعرض له في أثناء تصوير تلك<br />

اللقطة.‏ كان بطل تلك اللقطة هو البيت الذي سيقوم<br />

بطل الفيلم أندريه بإحراقه قرباناً‏ للبشرية التي مت<br />

إنقاذها من الكارثة احملققة.‏ وبعد طول إعداد وجتهيز،‏<br />

يعطي تاركوفسكي إشارة البدء للتصوير،‏ ويتم إحراق<br />

البيت على النحو الذي يتمناه،‏ لكن في حلظة فارقة<br />

حتدث الكارثة فتتوقف الكاميرا عن العمل لعطل غريب<br />

أصابها،‏ ويفسد تصوير املشهد.‏ ال شيء هنا ميكن<br />

عمله،‏ وال أحد ميكن لومه،‏ إنها ميكانيكا السينما ذاتها<br />

تخذله وتخونه،‏ وكأنها تذكره بأنه شخص غير مرحب<br />

به في مجالها.‏ يظل تاركوفسكي لدقيقتني مشلوالً‏ من<br />

املفاجأة،‏ ويفيق أخيراً‏ من الصدمة فيغطي عينيه بكلتا<br />

يديه؛ لقد أتته الضربة هذه املرة من آخر مكان ميكن<br />

توقعه.‏ يستغرق األمر ثاثة أيام كاملة إلعادة بناء<br />

الهيكل اخلارجي لديكور البيت وإلعادة تصوير مشهد<br />

احلريق،‏ ويتم البدء من جديد في تصوير املشهد الطويل<br />

الذي يستغرق حوالي ست دقائق كاملة على الشاشة،‏<br />

ويقوم أندريه بإشعال النار في البيت مجدداً،‏ وتشرع<br />

الكاميرا في احلركة كما هو مخطط لها،‏ ومرة ثانية<br />

يحدث الكابوس؛ هذه املرة اخلائن هو شريط السينما<br />

‏»النيجاتيف«‏ الذي علق داخل الكاميرا،‏ مرة أخرى<br />

السينما نفسها تعاند تاركوفسكي وتأبى إال أن تخرج<br />

له لسانها.‏ يضحك عمال التصوير من تكرار الكابوس<br />

نفسه مرتني بالشكل نفسه،‏ ويبدو على تاركوفسكي أنه<br />

على شفا املوت في تلك اللحظة،‏ من دون أن يعلم أحد،‏<br />

وال هو نفسه،‏ أنه كان يحتضر فعاً‏ من داء السرطان<br />

في تلك األثناء.‏ توفي أندريه تاركوفسكي في ما بعد<br />

بأواخر العام نفسه الذي صور فيه تلك اللقطة.‏<br />

توفي في منفاه بباريس عشية عيد املياد في<br />

29 ديسمبر 1986، بعد أن صنع سبعة أفام روائية<br />

طويلة كما تنبأت له روح بوريس باسترناك التي قام<br />

بتحضيرها له عرَّاف روسي،‏ وقالت له:‏ ‏»ستقوم بصنع<br />

سبعة أفام«،‏ رد تاركوفسكي الشاب الذي كان يدرس<br />

السينما:‏ ‏»سبعة أفام فقط؟!«،‏ وأجابت الروح:‏ ‏»نعم،‏<br />

سبعة أفام فقط...‏ لكن سبعة أفام عظيمة«‏ ><br />

فيلموجرافيا<br />

ولد أندريه آرسينيفيتش تاركوفسكي في بيالروسيا عام 1932، وتوفي في منفاه االختياري بباريس عام 1986،<br />

واحترف العمل السينمائي عام 1960. درس اللغة العربية أوالً،‏ ثم علم األحياء،‏ قبل أن يلتحق مبعهد الفيلم<br />

الشهير مبوسكو ‏»فجيك«‏ VGIK في الفترة ما بني عامي 1958 و‎1960‎‏،‏ حيث صنع 3 أفالم قصيرة لفتت إليه<br />

األنظار بشدة.‏<br />

صنع تاركوفسكي 7 أفالم روائية طويلة،‏ هي:‏<br />

< طفولة إيفان،‏ عام 1962، ونال عنه جائزة األسد الذهبي في مهرجان فينيسيا.‏<br />

< أندريه روبليف،‏ عام 1966.<br />

< سوالريس،‏ عام 1972.<br />

< املرآة،‏ عام 1975.<br />

< ستوكر ‏»الطواف«،‏ عام 1979.<br />

< نوستاجليا ‏»حنني«،‏ عام 1983، وهو أول أفالمه التي مت تصويرها خارج االحتاد السوفييتي في إيطاليا.‏<br />

< القربان،‏ عام 1986، ومت تصويره في السويد<br />

147<br />

أندريه تاركوفسكي:‏ صناعة األفالم تعني البحث عن اجلمال اخلالص

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!