alarabi_July-Comp
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
العالج بالفن...<br />
عودة اإلنسان لفطرته<br />
نسرين البخشونجي<br />
كاتبة من مصر مقيمة في السعودية<br />
مع تزايد تعقيدات المجتمع الحديث، خصوصاً في عالمنا العربي، وما أفضت<br />
إليه من ضغوط نفسية على األفراد، ارتفعت نسب تعرض األفراد ألزمات<br />
نفسية، تتراوح ما بين االكتئاب والتغيرات المزاجية وتفاقمها، إلى حاالت أكثر<br />
قسوة، وهو ما يجعلنا نحاول البحث عن سبل العلالج المختلفة الهادفة إلى<br />
تجاوز أزماتنا النفسية وآالمنا الجسدية. وباإلضافة إلى وسائل وسبل العالج<br />
التقليدية المتوافرة لدى المتخصصين من المعالجين النفسيين وأخصاء<br />
الطب النفسي، هناك اليوم طفرة جديدة تحاول االستعانة بوسائل غير<br />
تقليدية لعلالج االضطرابات المزاجية والنفسية والسلوكية التي يعانيها<br />
اإلنسان المعاصر.<br />
يقول الطبيب النفسي فريتز بيرلز: »إن أصح<br />
شكل من أشكال اإلسقاط النفسي هو الفن«. ويقول<br />
الرسام الشهير بيكاسو: »الفن وسيلة لغسل الروح<br />
من تراب احلياة اليومية«. السؤال الذي ميكن أن<br />
نطرحه هنا هو: هل ميكننا بالفعل استخدام الفن<br />
وسيلة عالجية ليس لها آثار جانبية؟ واإلجابة بكل<br />
تأكيد, نعم.<br />
في البدء كان اإلبداع وسيلة اإلنسان األولى<br />
الكتشاف الذات والتعبير عنها، والطريقة التي<br />
استخدمها لتدوين مفردات حياته البسيطة<br />
ومالمح حضارته العريقة. لذا صارت أعماله<br />
جزءاً من تاريخ البشرية الفطري األصيل. ولكون<br />
الفنون جسدت جانباً أصيالً في تطور معرفة<br />
اإلنسان بنفسه ومحاولته للتعبير عنها، فمن<br />
الصعب حتديد زمن دقيق أو فترة محددة بدأت<br />
بها عملية استخدام الفنون كعالج.<br />
لكن بعض املصادر تؤكد أن لهذا النوع من<br />
العالج جذوراً تاريخية تعود إلى احلضارات<br />
القدمية كاحلضارة املصرية, اليونانية والصينية.<br />
فالصينيون على سبيل املثال, اعتمدوا على تقنية<br />
االستشفاء باللون في »الفنج شوي« Feng Shui<br />
حيث لكل لون طاقة تؤثر في احلالة النفسية<br />
واجلسدية لإلنسان, بينما يرى آخرون أن نشأته<br />
تعود إلى فترة مرحلة التنوير في أوربا.<br />
وعلى الرغم من استخدام هذه التقنية<br />
العالجية منذ فترة طويلة، فإنها لم تأخذ الشكل<br />
املنهجي، وتصبح علماً متخصصاً قائماً على<br />
األبحاث والدراسات حتى منتصف العشرينيات<br />
من القرن املاضي، حيث سعى إلى تطبيقها<br />
عدد من األطباء النفسيني, مثل سيجموند<br />
العدد - 692 يوليو 2016<br />
172