alarabi_July-Comp

Recommendations

Info

تاريخ وتراث الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016 حول الكون في التصور العراقي القديم د.‏ مصطفى محمد طه أكادميي من العراق دراسة التصور الكوني في العراق القديم-‏ أو في أي حضارة أخرى - ال تكتمل مالمحها البارزة إال بمعرفة ماهية الكون،‏ وذلك حتى تتسنى لنا معرفة مدى مصداقية رؤية هذه الحضارة أو تلك للكون.‏ وفي هذا نقول إن الكون هو كل موجود وما وجد وما سيوجد،‏ أما عن كلمة الكون التي هي »cosmos« في اللغات األجنبية مثل:‏ اإلنجليزية والفرنسية والروسية...‏ إلى آخره فهي في األساس كلمة إغريقية تعني ‏»نظام الكون«‏ وهي بشكل ما عكس كلمة »cosmos« أي االختلالط والتشوش،‏ أو بمعني آخر حالة الكون المختلطة قبل تكونه.‏ وهي تتضمن العالقة المتبادلة العميقة لكل األشياء وتبعث الرهبة من الطريقة الدقيقة والماهرة،‏ التي جمع فيها الكون بالشكل الراهن.‏ وإذا كان ما سبق يختص بالكون،‏ فإن مسائل الكونيات - أي النظر في أصل العالم - كانت مبعث حيرة للعقل البشري منذ فجر التاريخ،‏ فقد اتصل التصور في أصل العالم عند القدماء بفكرة اخللق،‏ حيث قام به - وفقاً‏ لتصورهم – إله فصل بني النور والظلمة ورفع السماوات وثبتها من فوق األرض،‏ وصور املجاالت األخرى،‏ التي اختصت بها تلك الصورة الكونية الضيقة احملدودة،‏ التي حتيزت في عقل اإلنسان األول،‏ ومرت القرون،‏ واستجمع اإلنسان مبرورها املعرفة مبختلف الظاهرات،‏ التي يعايشها في العالم الذي تتألف منه بيئته،‏ وتكيفت نظرياته الكونية في صورة أقرب إلى العلم.‏ وعند دراسة مالمح التصور العراقي القدمي للكون،‏ نرى أنه قد مر على العراق في تاريخه القدمي حضارات عدة علي النحو التالي:‏ - 1 حضارة سومر:‏ أ-‏ من هم السومريون؟ ثمة تساؤل حيوي من املنظار التاريخي يطرح نفسه على بساط البحث،‏ مفاده من هم السومريون؟ ولإلجابة عن مثل هذا التساؤل نقول إن السومريني أو الشومريني،‏ هم قوم حتدروا من األقوام التي قطنت العراق في عصور ما قبل التاريخ،‏ وهي العصور التي سبقت عصر فجر السلالالت،‏ وقد عرفوا باسم خاص،‏ وهو اسم السومريني في األزمنة التاريخية نسبة إلى اجلزء اخلاص من العراق الذي متركزوا فيه،‏ وهو القسم اجلنوبي الذي سمي باسم ‏»شومر«‏ أو ‏»سومر«،‏ ولعل أقوى ما يجعل هذه الفرضية 89 حول الكون في التصور العراقي القدمي
رأياً‏ قريباً‏ من الواقع،‏ هو أن أسس احلضارة السومرية،‏ التي ازدهرت في عصر السالالت،‏ ميكن إرجاعها إلى األطوار احلضارية ‏)عصور ما قبل السلالالت(،‏ مما يشكل استمراراً‏ حضارياً،‏ أي إن أصول احلضارة السومرية نشأت في العراق،‏ وبالتالي ميكن تتبع أسسها وأصولها فيه منذ أقدم األزمان.‏ وكان ذلك في فترة،‏ تراوحت تقديرات املؤرخني بشأنها،‏ في ما بني أوائل القرن الثالثني قبل امليالد،‏ والقرن الثامن والعشرين قبل امليالد.‏ وخالصة القول،‏ إنه مهما كان أصل السومريني واملهد الذي نزحوا منه،‏ فاألمر املهم من الناحية احلضارية،‏ هو أننا نعرف نشوء حضارتهم وتطورها ومراحل ذلك التطور وخصائصها،‏ وأنها نشأت في القسم اجلنوبي من العراق.‏ كما أن البحث في أصلهم وعرقهم من األمور التي ال تقود الباحث إلى شيء،‏ وذلك على فرض أنه يستطيع أن يعرف ذلك في املستقبل.‏ ب - الكون لدى السومريني يشي الواقع التاريخي ملعطيات حضارة سومر،‏ في هذا املنحى العلمي الدقيق،‏ بأن فقهاء سومر قد تخيلوا السماء واألرض في بداية أمرهما ملتصقتيني يحيط بهما محيط مائي عظيم،‏ وكان في أولهما إله مذكر وهو ‏»آن«‏ أو ‏»آنو«‏ الذي اعتبروه اجلد األكبر للمعبودات،‏ ثم إلهة مؤنثة ‏»كي«،‏ ونتج عن اتصال هذين الزوجني عنصر ثالث،‏ وهو ‏»إنليل«‏ رب الهواء واألنفاس والفضاء الذي تدخل بينهما وفصلهما،‏ ورفع أباه ‏»آن«‏ بسمائه إلى أعلى،‏ وحط بأمه ‏»كي«‏ إلى أسفل حيث اختلط بها،‏ وترتب على وجوده معها أن بدأ ظهور بقية األرباب،‏ ومنهم من سموا باسم األنوناكي اخلمسني العظام والسبعة أصحاب املصائر،‏ ثم بدأ خلق النباتات واألنعام والناس.‏ إن التصور الكوني لدى السومريني،‏ يجعل الباحث املعاصر يصل إلى قناعة عملية تاريخية مفادها،‏ أن أرباب السماء واألرض والهواء - وفقاً‏ لهذا التصور-‏ قد تسنى لهم املشاركة في النشأة عند السومريني ف ‏»إنكي«‏ روح املاء احمليط بالسماء واألرض،‏ وكان ابن هو ‏»منو«‏ الذي مثل عنصر األمومة في احمليط األزلي،‏ وزوج هو ‏»متاخ«،‏ أي السيدة العظمى،‏ التي لقبت أيضاً‏ بلقب ‏»نينتو«‏ مبعنى السيدة الوالدة،‏ ولهذا كان ‏»إنكي«‏ يعتبر إلها للماء وللحكمة ومقرراً‏ ملصائر األقطار واملدن وحافظ نواميس احلضارة في كل مظاهرها املادية والروحية،‏ واملوصي مبظاهر احلياة إلى أربابها،‏ مثل ‏»دوموزي«‏ الذي عهد بخصوبة األنعام وخصوبة األرض و»إشكود«‏ الذي عهد إليه بأمر الرياح،‏ إن كل هؤالء اآللهة – وفقاً‏ للتصور السومري – قد شاركوا في نشأة الكون وتكوينه.‏ وفي التحليل األخير،‏ نرى أن التصور السومري للكون،‏ يؤكد لنا أن حضارة سومر قد عرفت آلهة متعددة،‏ عرفت بآلهة الكون وهي على النحو التالي:‏ اإلله األول:‏ إله السماء:‏ آن،‏ آنوم،‏ آن »An Anum An« و»أن«‏ تعني أصلالً‏ السماء في اللغة السومرية وتقابلها ‏»شامو«‏ في األكدية،‏ ومن ثم فإن ‏»آنو«‏ أو ‏»آنوم«‏ هو إله السماء،‏ وهو أيضاً‏ أب السماوات وملكها،‏ وعرشه على قمة قبة السماء،‏ وحني حدث الطوفان جلأ إليه اآللهة مذعورين ليحتموا به،‏ وجثوا كالكالب إلى جانب حائط السماء.‏ وفي هذا السياق تشير املصادر التاريخية إلى أن هؤالء اآللهة قد ظلوا كذلك حتى قدم أهم ‏»زيوسودرا«‏ قرابيني التضحية فوصلت رائحتها إلى خياشيمهم وعنذئذ اطمأنت قلوبهم،‏ وعلى عتبته،‏ أي ‏»آنو«،‏ يقف ‏»ذوموزي«‏ و»جشزيدا«‏ اإللهان الوحيدان اللذان ذاقا املوت،‏ ويحكم ‏»آنو«‏ مجموعتني من اآللهة هما ال ‏»أجيجي«‏ في السماء،‏ وال ‏»أنوناكي«‏ في األرض،‏ وهم الذين يقتسمون التصرف في شؤون العالم بإشرافه وكان مقر عبادة ‏»آنو«‏ العدد - 692 يوليو 2016 90
Page 1 and 2:
العدد > 692 رمضان / شو
Page 3 and 4:
العدد - 692 رمضان،‏ ش
Page 6 and 7:
الكويت عاصمة الثقا
Page 8 and 9:
Page 10 and 11:
Page 12 and 13:
Page 14 and 15:
Page 16 and 17:
Page 18 and 19:
أوراق أدبية الكويت
Page 20 and 21:
Page 22 and 23:
Page 24 and 25:
Page 26 and 27:
Page 28 and 29:
Page 30 and 31:
Page 32 and 33:
Page 34 and 35:
Page 36 and 37:
Page 38 and 39: الكويت عاصمة الثقا
Page 72 and 73: نقد الكويت عاصمة ال
Page 82 and 83: ّ الكويت عاصمة الثق
Page 92 and 93: عاصمة الثقافة اإلس
Page 94 and 95: شخصيات الكويت عاصم
Page 98 and 99: شخصيات الكويت عاصم
Page 102 and 103: ملف الكويت عاصمة ال
Page 130 and 131: وزارة اإلعالم نستق
Page 138 and 139:
Page 140 and 141:
Page 142 and 143:
Page 144 and 145:
Page 146 and 147:
Page 148 and 149:
Page 150 and 151:
Page 152 and 153:
Page 154 and 155:
Page 156 and 157:
Page 158 and 159:
Page 160 and 161:
Page 162 and 163:
Page 164 and 165:
Page 166 and 167:
Page 168 and 169:
Page 170 and 171:
Page 172 and 173:
Page 174 and 175:
Page 176 and 177:
Page 178 and 179:
المسابقة الثقافية
Page 180 and 181:
Page 182 and 183:
Page 184 and 185:
Page 186 and 187:
Page 188 and 189:
Page 190 and 191:
Page 192 and 193:
Page 194 and 195:
Page 196 and 197:
Page 198 and 199:
Page 200 and 201:
Page 202 and 203:
Page 204 and 205:
Page 206 and 207:
Page 208 and 209:
show all

alarabi_July-Comp

Create successful ePaper yourself

Delete template?

Save as template?