10.08.2016 Views

alarabi_July-Comp

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016<br />

إلى أن<br />

نلتقي<br />

فاطمة حسين العيسى *<br />

كاتبة من الكويت<br />

من أحالم اليقظة<br />

من النادر جداً‏ أال يتفاعل اإلنسان مع الطبيعة،‏ فمثلما نتحرك نحن قياماً‏ وقعوداً،‏ ثباتاً‏ وحركة،‏ صمتاً‏ وضجيجاً،‏<br />

تستوعبنا الطبيعة ونستوعبها مرة أخرى،‏ ألن الله تعالى أوجدنا وأوجدها وأوجد احلركة التي تربطنا بها،‏ فمعها<br />

نعيش الصوت والصدى،‏ ونعيش اجلمود واحلركة،‏ متاماً‏ كما نستوعب الليل والنهار.‏<br />

ومثلما متلك الطبيعة حركتها اخلاصة التي تفرضها علينا،‏ فإننا كذلك منلك طبيعتنا اخلاصة التي نفرضها<br />

عليها،‏ وهكذا تستوي عالقتنا بالطبيعة بني شدّ‏ وجذب،‏ وأخذ وعطاء،‏ ونقص وكمال،‏ نقص ميثل احلاجة،‏ وكمال<br />

يؤدي واجبه في السدّاد.‏<br />

إنها غذاء الشعراء واألدباء والفالسفة وكل من يحمل على كتفيه رأساً‏ يفكر أو يحلم،‏ ثم يرسم اللوحة<br />

اإلنسانية.‏<br />

لذا،‏ وجدتني أتوسطها على ساحل البحر،‏ تغوص قدماي في الرمل،‏ وينطلق ناظري جتاه املوج سارقاً‏ اهتمامي،‏<br />

فأبدأ في عدّ‏ األمواج مع شهيقي بالبهجة وأبتسم لها مع الزفير،‏ وأترك الزَبَد يعبث بأصابع قدمي وأطلق أذناي<br />

في تركيز محبب مع ‏»سوناتا«‏ املدّ‏ واجلزر،‏ ثم أصلّي معلقة ناظري بشروق الشمس وابتسامتها اخلجولة,‏ وأبدأ<br />

يومي.‏<br />

ومثلما يقال عن الهواء إنه إكسير احلياة،‏ فإن املاء إكسيره اآلخر،‏ حلوه ومرّه،‏ لقد حبا الله تعالى كرتنا األرضية<br />

ببقع من املياه كبيرها وصغيرها،‏ فمن احمليطات تتولد البحار،‏ والبحار تلد اخللجان،‏ واخللجان ترنو من اإلنسان<br />

بسواحلها التي تناديه دوماً‏ لالستمتاع بها واالستفادة طعاماً‏ ومتعةً،‏ وما علينا نحن - البشر - إال أن نُعمل العقل<br />

بأساليب االستفادة واملتعة.‏<br />

فمن االستفادة غذاء،‏ ومن املتعة مساحات للراحة تصل اجلهد باجلهد لتكمل دورة احلياة.‏ فالعيش على هذه<br />

األرض يحتاج إلى ‏»احليوية«‏ حتى يستمر ويعطي سعادة لإلنسان تساهم في منو الوجود واستمراره...‏ سعادة<br />

تشكّل نبعاً‏ ال ينضب من العطاء الرباني يأخذ بيد الكون مبن فيه إلى السمو.‏<br />

واملوج - فن الصوت والصورة معاً‏ - يحوّل ‏»السوناتا«‏ إلى ‏»كونشيرتو«،‏ وهو حلن األخذ والردّ،‏ وال يلبث مع<br />

صبرنا عليه - متعة - وصبره علينا - استمتاعاً‏ - حتى يتحول إلى موقع ‏»السيمفونية«‏ بأجزائها األربعة الرائعة،‏<br />

تأخذنا إلى عالم الواقع واحلقيقة واحللم،‏ مستذكرين رواية املبدعة غادة السمان ‏»ال بحر في بيروت«،‏ وكذلك<br />

أغنية ليلى مراد:‏<br />

يا ساكني مطروح<br />

جنيّة في بحركم<br />

الناس جتي وتروح<br />

وأنا عاشقة حيّكم<br />

العدد - 692 يوليو 2016<br />

210

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!