alarabi_July-Comp
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016<br />
وحين ننظر إلى القمر يدور حول األرض يوماً<br />
بعد يوم، فال نرى منه سوى صفحة واحدة، فذلك من<br />
مفعول املد واجلزر!<br />
وحن يدهشنا آيو، القمر اجلليدي األقرب إلى<br />
كوكب املشتري، بانبثاقاته البركانية، فذلك أيضاً بفعل<br />
املد واجلزر!<br />
هناك بالطبع عالقة أكيدة بن قوة اجلاذبية وقوى<br />
املد واجلزر، فهل ندرك متاماً ميكانيكية هذه الظاهرة<br />
وأسبابها التفصيلية وميادين فعلها وتأثيرها الفلكي؟!<br />
»املدّ - جزر« ليست اجلاذبية!<br />
من املعروف أن ظاهرة املد واجلزر - وأفضّ ل<br />
تسميتها »املد- جزر« - ترتبط باجلاذبية بشكل رئيس،<br />
لنأخذ مثالً حادثة اقتراب مذنب »شومخر - ليفي -<br />
9« من كوكب املشتري. فبما أن قوة اجلاذبية تتراجع<br />
طرداً مع مربع املسافة، فإن قوى اجلاذبية التي يشد<br />
بها املشتري الناحية املواجهة من املذنّب هي بالطبع<br />
أكبر من القوة التي يشد بها القسم اخللفي األبعد<br />
من املذنّب. هذا االختلالف لقوى اجلذب الثقالي<br />
بن أجزاء املذنّب يعمل على تشويهه ومتغيطه، وإن<br />
لم حتتمل جزيئاته هذا التشوّه فسوف يتشظّ ى أجزاءً<br />
ويتفتت، وهذا ما حدث له بالفعل. إذاً »املد - جزر«<br />
ينبغي حتديده كقوة اختالف اجلذب الثقالي على جسم<br />
ذي أبعاد. وكلما كبر حجم اجلسم املجذوب، كبر تأثير<br />
اختالف قوى اجلذب الثقالي عليه.<br />
جذب الشمس لكوكبنا أقوى من جذب القمر لكن<br />
»مد - جزر« القمر أقوى!<br />
ويبرهن علم الفيزياء على أن قوة جاذبية كوكبٍ<br />
ما، على مسافةٍ ما، تتناسب طرداً مع كتلة الكوكب<br />
وتتعاكس مع مربع املسافة، أما »املد - جزر« )أو<br />
اختالف قوى اجلذب الثقالي(، فيتناسب طرداً مع<br />
كتلة الكوكب اجلاذب وقطر اجلسم املجذوب وكتلته<br />
ويتعاكس مع مكعب املسافة ال تربيعها. وهذا ما يجعل<br />
مفعول »املد - جزر« للقمر على األرض أكبر ب 2.5 مرة<br />
من »مد - جزر« الشمس علينا، رغم أن جذب الشمس<br />
لألرض هو أكبر ب 150 مرة من جذب القمر لألرض!<br />
)كتلة الشمس أكبر من كتلة القمر بحوالي 25 مليون<br />
مرة، لكنها أبعد عنا من القمر بحوالي 400 مرة(.<br />
القوة الطاردة شريك في »املد - جزر«<br />
من جهة أخرى، فإن كوكب األرض يدور حول<br />
نفسه بسرعة كبيرة، بحيث تكون سرعة جسم ما<br />
على خط االستواء حوالي 1675 كلم/ساعة، أي أسرع<br />
مبرتن من حركة الطائرات املدنية، وهذا يعني أن قوة<br />
الطرد املركزي مؤثّرة في ظاهرة املد واجلزر. فالقوة<br />
الطاردة على القسم املواجه للقمر من األرض تكون<br />
باجتاه القمر، وتضاف إلى قوة جاذبيته، بينما تكون<br />
القوة الطاردة في القسم غير املواجه للقمر من األرض<br />
عكس اجتاه قوة جاذبية القمر، وبالتالي تطرح منها.<br />
وهكذا تزيد القوة الطاردة الناجتة عن دوران األرض<br />
من اختالف اجلذب بين املنطقتن وبالتالي من قيمة<br />
مفاعيل »املد - جزر«.<br />
حدود روش<br />
إحدى نتائج قوى »املد - جزر« ما يعرف<br />
ب »حدود روش«، وهي حدود افتراضية حول كوكب<br />
ما حتدد قدرة »مد - جزر« الكوكب على تفتيت<br />
مذنّب أو أي جسم آخر يقترب من الكوكب. ويتعلق<br />
موقع هذا الشريط الوهمي حول الكوكب بقيمة<br />
قطر الكوكب وكتلته وكثافة مادة اجلسم املقترب منه<br />
وطبيعته. فقطر كوكب املشتري مثلالً يبلغ 143 ألف<br />
كلم، وتصل حدود »روش« حول هذا الكوكب نسبة إلى<br />
بنية املذنبات حوالي 220 ألف كلم، لذلك حتطم املذنب<br />
»شومخر - ليفي - 9« عام 1994 حين اقترابه إلى<br />
ما دون حدود روش، إذ وصل إلى مسافة 100 ألف<br />
كلم فقط من سطحه، ما تسبب بسحقه وتفتيته بقوة<br />
املد - جزر قبل أن يجذب املشتري شظاياه الكبيرة<br />
واحدة تلو أخرى.<br />
مفاعيل »املد - جزر« على كوكب األرض<br />
نظراً لسرعة حركة القمر في السماء، فإن مدّين<br />
اثنن يحدثان كل يوم، يفرق بينهما مدة 12 ساعة و25<br />
دقيقة. ويختلف ارتفاع مياه البحر بحسب املوقع،<br />
ويكون األكبر عند خط العرض 28.5 درجة شمالي<br />
خط االستواء، أو عند خط العرض 28.5 درجة جنوبي<br />
خط االستواء، وذلك بسبب ميالن املسطح االستوائي<br />
األرضي 23.5 درجة نسبة للمسطح املداري لألرض<br />
)إكليبتيك أو دائرة البروج(، إضافة إلى ميالن مدار<br />
159<br />
املد واجلزر... حكاية اختالف في قوى اجلذب الثقالي