10.08.2016 Views

alarabi_July-Comp

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016<br />

أكتم ضحكتي،‏ ‏»اخلشوع وااااجب في<br />

الصالة«،‏ حين أنظر خلفي جلدتي،‏ وأجدها<br />

دون كل املصلن،‏ رسمت خطوطاً‏ بالرمل على<br />

جبهتها،‏ حتاكي موج النيل قربنا،‏ وتركت احلفر<br />

بين التجاعيد فارغة،‏ مثل فؤاد أم موسى،‏ كم<br />

تعددت رسومات الرمل على اجلباه،‏ كالغيم فوق<br />

السماء،‏ وكي ال أفسد مراسم العيد،‏ وقد حرمت<br />

جبهتي من السجود،‏ خوفاً‏ على ثروتي،‏ كنت أمد<br />

يدي،‏ وأقبض حفنة رمل،‏ وأدعك بها جبهتي،‏<br />

وشم العيد.‏<br />

ما نخلعه،‏ من مالبس رثة،‏ كي نرتدي ثياب<br />

العيد اجلديدة،‏ هي مالبس العيد الفائت،‏ خير<br />

خلف خلير سلف،‏ زهاد كالنبي،‏ عليه السلالم،‏<br />

وسقراط ‏)ما أكثر األشياء التي ال نحتاج إليها(،‏<br />

ولو تركوني وشأني،‏ فأجمل قميص لبسته في<br />

حياتي،‏ هو جلدي،‏ لكنهم يتدخلون في كل شيء<br />

في حياتي،‏ حتى شكل أنفي،‏ وملمس شعري،‏<br />

فرضته علي جيناتهم.‏<br />

أشم رائحة القطن،‏ وكي املصنع،‏ وكثيراً‏ ما<br />

يطعنني دبوس في جسمي النحيف،‏ ألني عجول<br />

في لبس مالبسي،‏ ال أقوى على الصبر مطلقا،‏<br />

مطلقا،‏ قبل إفراد القميص واستخراج الدبابيس،‏<br />

التي تلوي أكمام قميصي اجلديد،‏ على ظهره،‏<br />

مثل سجن خطير،‏ مقيدة يداه خلفه.‏<br />

كثيراً‏ ما يناديني أخي األكبر،‏ وأنا أركب<br />

الدراجة،‏ ‏)مزلط الركب،‏ مغبر الثياب(،‏ وقد<br />

أبت أن متضي مستقيمة،‏ ألني أقسمت لصاحب<br />

الدراجات أني أجيد سواقة الدراجة ‏)أظنني من<br />

أنصار أفالطون،‏ العلم كامن في النفس(،‏ فتهوي<br />

بي ذات اليمن،‏ وذات الشمال في كل متر أعبره،‏<br />

‏)أظنني نسيت السواقة،‏ كما ينسى أحدنا أموراً‏<br />

كثيرة يعرفها(،‏ إن لم أبرر لنفسي،‏ فلمن؟ أقترب<br />

من أخي،‏ يقفز جانبا،‏ كدت أصدمه،‏ كي يستخرج<br />

قصديرة من ‏»لياقتي«،‏ كانت تشدها لألعلى،‏ كي<br />

تستدرج الشاري،‏ بأن ‏»اللياقة قوية«،‏ وهي ألن<br />

من ماء،‏ وهو يهمهم ‏»العجلة من الشيطان«،‏<br />

أخطف القصديرة،‏ تشبه الهالل،‏ وبها ثقوب مثل<br />

أفالم السينما،‏ ألعب بها كسالح،‏ أهدد به أختي،‏<br />

وأحرس ثروتي.‏<br />

الويل ألمي إن وصلت مالبسي اجلديدة<br />

قبيل العيد بيوم،‏ كل ثانية أسألها ‏»متى يأتي<br />

العيد؟«،‏ فترد بكرة،‏ إن شاء الله،‏ ال أحب عبارة<br />

إن شاء الله هذه أبداً،‏ أحسها كذبة،‏ أريدها<br />

أن تقول ‏»سيأتي بكرة«،‏ ألنه قد يتأخر العيد<br />

مبا ال أضيق،‏ تتوالى أسئلة،‏ متى؟ لمَ‏ تأخر؟<br />

هل جرى له شيء؟،‏ أحس العيد تأخر قرناً‏<br />

ثم أغضب من العيد،‏ لمَ‏ يتأخر؟ ألم يعلم بأن<br />

مالبسي وصلت؟ وبأني أتوق إلى أن ألبسها من<br />

أجلي،‏ له؟ كنت أتصور العيد كائناً‏ حياً،‏ كنت<br />

مثل الشعراء العظام،‏ أحس وأتخيل أي شيء<br />

كائناً‏ حياً،‏ األعياد،‏ ورمضان،‏ كلها كائنات<br />

حية،‏ جميلة.‏ يحال غضبي للعيد،‏ أشتمه ‏»أنت<br />

متأخر مالك؟«،‏ أخاطبه،‏ وأحسه يركب حمارة<br />

كسلالااانة،‏ تقدم رجلالً‏ وتؤخر أخرى،‏ فار<br />

غضبي،‏ وقلت ألمي بصرامة،‏ وبوز ممدوووود<br />

‏»العيد جااااااء«،‏ وقف العيد قربي،‏ في قلب<br />

الليل.‏<br />

حن تشرق شمس العيد،‏ تتعجب من فتى<br />

صغير،‏ عاش عيده قبيل الناس،‏ ينام مبالبس<br />

العيد،‏ وحذاءه معه،‏ ولعابه بلل جيبه وحجره،‏<br />

ومن عجب يسير كل يومه حافياً،‏ وفي نومه<br />

لبس احلذاء،‏ من يأمن األحالم؟ قد تخلق شوكاً‏<br />

في كل مكان،‏ فقد ألبستني أمي هذه األشياء<br />

ليالً،‏ وكفى الله املؤمنن القتال،‏ والعناد.‏<br />

تساهر القرية،‏ كلها،‏ في الكنس،‏ والرش،‏<br />

والغسيل،‏ وأنوار فوانيس الترزية ‏)اخلياطن(،‏<br />

في سهر مع النجوم،‏ فوزية،‏ حسن ود أحمد،‏<br />

آمنة بت حواء،‏ تساهر فوانيسهم حتى الصبح،‏<br />

و»رتينة«‏ حسن تبدو كشمس صغيرة،‏ تتعجب<br />

منها األغنام،‏ والقطط،‏ شمس في منتصف<br />

الليل،‏ هل قامت القيامة؟ ويتعجب الدجاج لمَ‏<br />

طال النهار؟ وهي التي تنام عند الغروب،‏ متعبة،‏<br />

من صحو الفجر،‏ وحوامة عن رزق وقمح،‏ برسن<br />

حدسها في نواحي البيت.‏<br />

يظل العيد في الدار،‏ ال يفارقها،‏ إن العيد<br />

األحلى،‏ األسمر،‏ هي أمي،‏ عيد دائم،‏ عيد<br />

حولنا،‏ وفينا،‏ ولم تكن بالقرية كهرباء،‏ ولكن نور<br />

وجه أمي يضيء في سابع الظلمات ><br />

165<br />

العيد في جيب جلبابي!‏

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!