alarabi_July-Comp
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
شخصيات<br />
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016<br />
فولتير و»رسالته في التسامح«<br />
د. عادل زيتون كاتب وأكادميي من سورية<br />
أغراني بالكتابة عن األديب والفيلسوف الفرنسي فولتير أمران، أولهما أنه كان<br />
من صُ نَّاع عصر التنوير والعقل، أي القرن الثامن عشر، ال في فرنسا فحسب وإنما<br />
في أوربا عامة. واألمر الثاني هو أن المبادئ التي وهبَ فولتير حياته من أجلها،<br />
قوالً وفعالً، مازالت هي أهداف اإلنسانية إلى يومنا هذا، مثل الحرية والعدالة<br />
والتسامح والمساواة، ونبذ التعصب واالستبداد والخرافات.<br />
وُلد فرانسوا ماري أرويه )وهو اسم فولتير<br />
احلقيقي( في باريس عام 1694. ودرس في الكلية<br />
اليسوعية في باريس، التي كانت أفضل مدرسة في<br />
فرنسا آنذاك. وقد تلقى، خالل السنوات السبع التي<br />
قضاها فيها، تدريباتٍ على دراسة التراث الكالسيكي<br />
)اليوناني والروماني(، وأظهر نبوغاً مبكراً في ميادين<br />
األدب. ثم درس القانون بناء على رغبة والده، الذي<br />
يعمل محامياً، ولكن فولتير لم ميارس احملاماة، ألنه<br />
كان شغوفاً باألدب.<br />
فولتير في إجنلترا<br />
سُ جن فولتير في الباستيل أكثر من مرة، كانت<br />
األولى منها عام 1717 بتهمة أنه كتب قصيدة هجاء<br />
بالوصي على العرش الفرنسي، وهو فيليب دوق<br />
أورليان. وُنفي فولتير إلى إجنلترا عام 1726، حيث<br />
أمضى فيها ثالث سنوات ّ تُعدُ من أهم محطات حياته،<br />
فقد اطلع على تقاليد املجتمع اإلجنليزي ونظامه<br />
السياسي، وأُعجب بالدستور اإلجنليزي الذي منح<br />
امللك صالحيات مطلقة لفعل اخلير، وقيَ ّد يديه في<br />
فعل الشر. كما أُعجب بالتسامح الديني السائد، وقال:<br />
»هذا هو بلد امللل والنِّحل، والرجل اإلجنليزي، باعتباره<br />
حراً، يسلك إلى السماء الطريق الذي يختاره«. وتأثر<br />
فولتير بالعالم اإلجنليزي نيوتن وشارك في تشييع<br />
جنازته. كما ألَّف كتاباً بعنوان »رسائل عن اإلجنليز«.<br />
من باريس إلى برلني<br />
في عام 1734 نُشر كتابه اآلنف الذكر في باريس<br />
بعنوان »رسائل فلسفية«. ويتألف الكتاب من خمس<br />
وعشرين رسالة، وهي في ظاهرها وصف للمجتمع<br />
اإلجنليزي، في حين كانت حتمل نقداً للمجتمع<br />
الفرنسي بكل ما فيه من صور االستبداد. ولهذا<br />
سرعان ما قامت السلطات الفرنسية مبصادرة الكتاب<br />
وإحراقه بحجة مخالفته »الدين واألخالق«. كما صدر<br />
أمر بالقبض على املؤلف، ولكن فولتير متكن من الفرار<br />
إلى دوقية اللورين املستقلة. وتلقى بعدها دعوة من<br />
ملك بروسيا فردريك األكبر، الذي كان يحيط نفسه<br />
بالفالسفة واألدباء والفنانين، وكان فولتير يرى فيه<br />
منوذجاً للملك »املستبد املستنير«. وبالفعل وصل<br />
فولتير إلى برلن نحو عام 1750، وخصص له امللك<br />
جناحاً في قصره. وبعد أن غادر فولتير أملانيا استقر<br />
به املقام في قرية فيروني، الواقعة في ضواحي جنيف،<br />
بعيداً عن حكام أملانيا وفرنسا. وسرعان ما وفد إليه<br />
كبار علماء وأدباء أوربا.<br />
الوفاة<br />
كانت زيارة فولتير األخيرة إلى باريس قبل وفاته<br />
95<br />
فولتير و»رسالته في التسامح«