alarabi_July-Comp
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الطبيعة، وإمنا يجعل منها وسيلة للتعبير عن<br />
مَثَلٍ أعلى داخلي«، وأن »الفنان يحمل في<br />
أعماقه عاملاً مصغّراً كامالً«؟<br />
لعله بدأ من هناك، ولذلك صار يرسم من<br />
خالل »منوذج« حي )الغابات الساكنة األشجار،<br />
واخليول بحركاتها النافرة(، أو جامد )الزقاق<br />
والبيت البغدادي القائم فيها بطُ رز معمارية<br />
تراثية(، وصار يرسم هذا كلّه بحساسية ميكن<br />
تسميتها ب»حساسية التلقي«، مقدّما ما يسهل<br />
على مشاهد لوحته/ عمله الفني تعرّفه. فهو<br />
ينقل »جمالية الواقع« الذي ذهب بعمله الفني<br />
إلى حدّ املشاكلة معه، وكانت براعته رائياً<br />
مصدر التنوع عنده، حتى في املوضوع الواحد.<br />
واملهم في هذا ليست موضوعاته بذاتها، وإمنا<br />
األسلوب الذي اتبعه في جتسيدها/ متثيلها<br />
أشكاالً فنية لها خصوصيتها النابعة من<br />
خصوصية نظرته الذاتية فناناً. فهو وإن يكن<br />
خرج إلى الواقع العاري، لم يقدّم »فناً عارياً«.<br />
وإذا كان الفنان »هو من يصنع الفن<br />
التصويري«، وفق الفنان اإليطالي بوسكيني،<br />
فإن فائق حسن هو من أوجد ما ميكن أن يُعدّ<br />
معادلة بني »الشكل« املتفوّق تكويناً، و»اللون«<br />
املتفرّد خاصية لونية.<br />
وإذا كان فائق حسن »رسّ ام الطبيعة«<br />
املتميّز، فإن متيّز هذه الطبيعة في عمله الفني<br />
متأتٍ مما لها من أثر ذاتي عليه، األمر الذي<br />
كان يندفع به إلى الكشف، وبقوّة ذاتية عالية،<br />
عما لهذه الطبيعة من أعماق خفيّة، جامعاً<br />
في لوحته هذه بني »اخليال النافذ« و»الرؤية<br />
املؤصّ لة« موضوعاً.<br />
وجهاً لوجه مع الطبيعة<br />
عندما كان فائق حسن يخرج إلى الطبيعة<br />
كان يفعل ذلك ليراها بكليتها، وليس بتمثله<br />
التخييلي لها: بساتينها وما تقوم به من شجر<br />
وزرع، وجبالها وما يُعرّش عليها من شجر،<br />
وأرضها الصحراوية املنبسطة وما عليها من<br />
خيول وساستها، محققاً من هذا كله جمالية<br />
اخللق الفني في لوحته التي لم يلتفت فيها إلى<br />
اآلراء التي عاصرتها بداياته، التي كانت تقول<br />
إن توجّ ه الفنان إلى الطبيعة، والتعاطي معها،<br />
صورة ومشهداً، ميثّالن »محاكاة ذليلة« لها، بل<br />
أعمال الفنان لم تكن محكاة بل تعبيراً فنياً عن الواقع بأسلوب فني خاص<br />
العدد - 692 يوليو 2016<br />
150