alarabi_July-Comp
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
نقد<br />
الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016<br />
مع أبي الطيب المتنبي<br />
جهاد فاضل<br />
مع أن عنوان كتاب الباحث السوداني الكبير<br />
الراحل، د. عبداهلل الطيّب »مع أبي الطيّب«،<br />
يشي بأنه كتاب وضعه صاحبه عن أبي الطيب<br />
المتنبي، إال أن من يقرأه يكتشف أنه عبارة عن<br />
جولة في أفق التراث الشعري العربي القديم<br />
بوجه عام، وعن أحكام شديدة الدقة والمتانة.<br />
وقد يعيد القارئ قراءة هذا الكتاب أكثر من<br />
مرة إذا كان يبحث عن دراسة غير مسبوقة عن<br />
المتنبي أراد بها صاحبها جوانب لم يردها سواه<br />
من الباحثين من قبل على كثرة ما كُ تب عن مالئ الدنيا وشاغل<br />
الناس.<br />
لعلّ القارئ سيفتقد، أكثر ما يفتقد، املجانية في<br />
النظر والتحليل التي يسهل العثور عليها في الكثير من<br />
الدراسات احلديثة، التي تتناول سير الشعراء املاضني<br />
أو غير املاضني. فلهذه اجلهة، لن يجد القارئ مثل<br />
هذه املجانية في كتاب عبدالله الطيب، ألن الكلمة فيه<br />
تنزل منزلها بال جور وال ارجتال.<br />
ومن البداية يجد املرء نفسه في حضرة أستاذ<br />
كبير يدقق كثيراً في صياغة عباراته وإطالق أحكامه.<br />
إنه ليس منحازاً للمتنبي كما كان محمود شاكر، وال<br />
منحازاً ضده كما كان طه حسني، وإمنا هو يبحث في<br />
أمره بحثاً مجرداً خالياً من األغراض. هو يرى بداية<br />
أن أكثر أسماء شعراء العرب دوراناً بينهم، امرؤ القيس<br />
وزهير وأبوالطيب، »وعسى أن يكون معهم جرير«. ثم<br />
في كل عصر يشتهر اسم فيغلب عليهم جميعاً ثم<br />
يختفي فيُنسى، أو يكاد، مثل البهاء زهير والوأواء<br />
الدمشقي وحافظ إبراهيم وإيليا أبي ماضي وهلمّ<br />
جرّا. وبني طبقات العامة قد ال يُعرف هؤالء، ولكن<br />
قد يُعرف عنترة الفوارس ألنه في القصص الشعبي،<br />
وحسّ ان والبوصيري والبرعي، ألنهم من مُدّاح الرسول<br />
عليه الصالة والسلالم. على أن العصر احلاضر رمبا<br />
بخس قدر زهير وأبي الطيب ألنهما من شعراء املديح،<br />
وخاصة املتنبي لتكسّ به بذلك واختالفه بني املمدوحني<br />
وجَ وْبِهِ األرض من أجل هذا الغرض.<br />
ويالحظ د.عبدالله الطيب أن مما أفسد على<br />
الناس رأيهم في احلكم على شعر املدح عامة وشعراء<br />
املديح قاطبة حسبانُهم أنه من التسوُّل، وأن أصحابه<br />
متسوّلون، وهذا خطأ في نظره. إذ الشعر ديوان<br />
العرب، كما اإلذاعة والتلفزيون والصحافة وشتى طرق<br />
اإلعالم والدعاية هي ديوان مجتمعنا احلاضر. واملدح<br />
والهجاء كانا من أساليب اإلعالم والدعاية املشروعة<br />
73<br />
مع أبي الطيب املتنبي