alarabi_July-Comp
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
فكر<br />
الحُصَ ري يحاور سالمة موسى<br />
د. سعيد إسماعيل علي أكادميي من مصر<br />
نحن هنا أمام عمالقين من عمالقة الفكر<br />
في الوطن العربي في القرن العشرين، كل<br />
منهما يمثل طرفاً مناقضاً للطرف اآلخر في<br />
الرأي، لكن المناخ الحاكم خالل فترة ما يسمى<br />
بعصر النهضة العربية الحديثة، إذ كان يحفل<br />
بالعديد من اآلراء واألفكار التي قد يشكل<br />
بعضها موقفاً مناقضاً ومضاداً لطرف آخر،<br />
يظل الخالف محصوراً في »الكلمة«، وسيادة<br />
»الحوار« باألفكار، وتلك عالمة دالة على درجة<br />
من التحضّ ر.<br />
نحن إذ نعرض لصورة من صور ما كان يجري<br />
من حوارات نبتغي من ذلك أن ننبه إلى صورة<br />
مشرفة لالختالف بين اآلراء، فمهما تباينت<br />
وتضادت، قلّما جند دعوة لإلقصاء والنفي،<br />
فضالً عن اإلعدام، سواء بشكله املعنوي أو<br />
املادي، حتى أننا نتذكر كيف أن علمانياً متطرفاً<br />
مثل إسماعيل مظهر كتب دراسة عنوانها »ملاذا<br />
أنا ملحد؟«، فال تُرفع عليه الدعاوى، وال تصدر<br />
فتاوى بإهدار دمه، وإمنا يبادر صاحب فكر<br />
مغاير وهو محمد فريد وجدي، ليعبر عن موقفه<br />
املغاير بدراسة عنوانها »ملاذا أنا مسلم؟«.<br />
وال نقصد باحلوار في قضيتنا احلالية<br />
بن ساطع احلصري وسلالمة موسى توافر<br />
أركان احلوار كلها، وإمنا هي جملة آراء ساقها<br />
احلصري، ضمّنها كتابه »أحاديث في التربية<br />
واالجتماع«، مناقشاً فيها ما سبق أن كتبه سالمة<br />
موسى، من دون مواجهة شخصية مباشرة.<br />
وساطع احلصري، من الشخصيات العجيبة<br />
حقا، حيث إنه قد توافرت له ظروف جتعله، ال<br />
زعيماً مرموقاً في الدعوة إلى »القومية العربية«<br />
فترة حياته، حتى وفاته عام 1968، وإمنا هو<br />
عاش هذه العروبة في نشأته وتكوينه، حيث توزع<br />
بن عدة بيئات عربية وإسالمية: فقد انتمى إلى<br />
عائلة أصلها من احلجاز، ولكنه وُلد في صنعاء<br />
باليمن، وتقلبت حياته، تعلماً وتعليماً وعمالً بن<br />
القاهرة، واألستانة، ودمشق، وبغداد، وفي كل<br />
موقع من هذه املواقع لم يكن مجرد »سائح« لفترة<br />
قصيرة، بل كان عنصراً قيادياً يعيش سنوات،<br />
العدد - 692 يوليو 2016<br />
26