10.08.2016 Views

alarabi_July-Comp

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016<br />

ومن هذه القصائد قصيدة ‏»صفحات من كتاب<br />

الصيف والشتاء«،‏ التي تتكون من ثالثة مقاطع،‏<br />

املقطع األول بعنوان:‏ ‏»حمامة«،‏ وميضي كالتالي:‏<br />

حني سرت في الشارع الضوضاء<br />

واندفعت سيارة مجنونة السائق<br />

تطلق صوت بوقها الزاعق<br />

في كبد األشياء<br />

تفزعت حمامة بيضاء<br />

‏)كانت تقف على متثال نهضة مصر...‏<br />

حتلم في استرخاء(‏<br />

... ... ...<br />

طارت وحطت فوق قبة اجلامعة النحاس<br />

الهثة تلتقط األنفاس<br />

وفجأة:‏ دندنت الساعة<br />

ودقت األجراس<br />

فحلقت في األفق – مرتاعة<br />

... ... ...<br />

أيتها احلمامة التي استقرت<br />

فوق رأس اجلسر<br />

‏)وعندما أدار شرطي املرور يده<br />

ظننته ناطوراً...‏ يصد الطير<br />

فامتألت رعبا!(‏<br />

أيتها احلمامة التعبى:‏<br />

دوري على قباب هذه املدينة احلزينة<br />

وأنشدي للموت فيها...‏ واألسى...‏ والذعر<br />

حتى نرى عند قدوم الفجر جناحك امللقى...‏<br />

على قاعدة التمثال في املدينة<br />

وتعرفني راحة السكينة!‏<br />

والصورة الكنائية املمتدة في هذا املقطع،‏<br />

تشير إلى حمامة فعلية على مستوى احلقيقة،‏<br />

ونرى ما يحدث لهذه احلمامة عندما تفزع من<br />

صوت بوق سيارة يقودها سائق ال يعرف التعقل<br />

وبأقصى سرعة دون أن يراعي شيئاً،‏ فتفزع<br />

احلمامة البيضاء التي كانت ترقد فوق متثال<br />

نهضة مصر الذي يقبع في مدخل جامعة القاهرة<br />

ما بني حديقتي احليوان واألورمان.‏ ويقضي فزع<br />

هذه احلمامة على أحالمها في استرخاءتها<br />

الهادئة فوق متثال نهضة مصر،‏ فتطير مفزوعة<br />

إلى أن حتط فوق قبة جامعة القاهرة الهثة<br />

تلتقط أنفاسها،‏ لكن قبة اجلامعة جتاور ساعتها<br />

التاريخية التي تدق دقات مزعجات،‏ فتعاود<br />

احلمامة الطيران مرتاعة إلى أن تستقر فوق<br />

رأس اجلسر،‏ أول كوبري اجلامعة،‏ لكنها ترى<br />

شرطي املرور الذي يحرك يده لينظم السير،‏<br />

فتظنه حارساً‏ يصد الطير،‏ فتمتلئ رعباً‏ وتعاود<br />

الطيران إلى أن يعاجلها املوت فترمتي مع قدوم<br />

الفجر محطمة على قاعدة متثال نهضة مصر.‏<br />

وينتهي فزعها مع املوت،‏ ولكن هذه احلمامة<br />

من ناحية أخرى ينبغي أن نقرأها على املستوى<br />

الرمزي،‏ فنرى فيها رمز األمان والسالم والهدوء<br />

والسكينة،‏ وهي املفردات التي تواجه دائماً‏ بكل ما<br />

يقطع أمامها طريق احلضور في احلياة،‏ فتغادر<br />

املدينة السكينة ويرحل عنها األمان ويغيب في<br />

لهيبها السلالم فتغدو هذه املدينة بال سلالم وال<br />

هدوء وال سكينة وال حتى براءة،‏ وكلها مجازات<br />

ملا ينسرب في شوارع مدينة ال تعرف سوى كل<br />

ما يطارد كل الدوال واملدلوالت التي تشير إليها<br />

رمزية احلمامة التي تدور على قباب مدينة حزينة<br />

كأنها تنشد فيها للموت واألسى والذعر،‏ وسرعان<br />

ما نرى هذه احلمامة بكل ما ترمز إليه ملقاة عند<br />

قدوم الفجر على قاعدة متثال نهضة مصر،‏ وكأن<br />

هذه احلمامة هي دوال ومدلوالت الرمز الذي ال<br />

يعرف راحة السكينة إال في املوت.‏<br />

ويأتي املقطع الثاني مبزيد من كنايات احلزن<br />

واملوت،‏ وهو بعنوان:‏ ‏»ساق صناعية«،‏ وميضي<br />

كالتالي:‏<br />

في الفندق الذي نزلت فيه قبل عام<br />

شاركني الغرفة<br />

فأغلق الشرفة<br />

وعلق ‏»السترة«‏ فوق املشجب املقام<br />

وعندما رأى كتاب ‏»احلرب والسالم«‏<br />

بني يدي إربد وجهه<br />

ورف جفنه...‏ رفة<br />

فغالب الرجفة<br />

وقص عن صبية طارحها الغرام<br />

وكان عائداً‏ من احلرب...‏ بال وسام<br />

فلم تطق ضعفه<br />

ولم يجد-‏ حني صحا-‏ إال بقايا اخلمر والطعام!‏<br />

23<br />

عن شعرية أمل دنقل

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!