10.08.2016 Views

alarabi_July-Comp

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الكويت عاصمة الثقافة اإلسالمية 2016<br />

تنقصه حيوية أبي الطيب.‏<br />

ذلك غيض من فيض ما يحتويه كتاب عبدالله<br />

الطيب عن بكر الزمان ومالئ الدنيا وشاغل الناس<br />

بعبارة األقدمين.‏ نظرات نافذات لعالم كبير جليل<br />

متمكن من ثقافة القدمي واحلديث.‏ فإذا وصل إلى حادثة<br />

مقتل املتنبي التي اختلف في حتليلها واملسؤولية عنها<br />

باحثون كُثُر،‏ أدلى برأي لم يسبق إليه،‏ مفاده أنه ليس<br />

من املستبعد أن يكون سيف الدولة احلمداني وراء ذلك<br />

التدبير.‏ وهو رأي يفاجئ الكثيرين،‏ نظراً‏ لوشائج املودة<br />

العميقة التي كانت بن أبي الطيب وأمير حلب،‏ وهي<br />

وشائج إن فترت حرارتها حيناً،‏ فإنها لم تنقطع أبداً.‏<br />

وألن عبدالله الطيب هو الذي ال يستبعد أن يكون سيف<br />

الدولة وراء تصفية الشاعر الذي وهبه اخللود،‏ فإننا<br />

نعرض لهذا الرأي اجلدير بأن يتابع النقاش بصدده,‏<br />

على النحو التالي:‏ يبدي الباحث الكبير وجهة نظره:‏<br />

من قتل املتنبي؟<br />

قال الثعالبي في ‏»اليتيمة«:‏ ‏»ملا أجنحت سفرته<br />

وربحت جتارته بحضرة عضد الدولة ووصل إليه أكثر<br />

من مائتي ألف درهم،‏ أستأذنه في املسير منها ليقضي<br />

حوائج في نفسه ثم يعود إليها،‏ فأذن له،‏ وأمر بأن تُخلع<br />

عليه اخللع اخلاصة«...‏ إلى أن قال:‏ ‏»فلما فارق أعمال<br />

فارس،‏ حسب أن السالمة تستمرّ‏ به كاستمرارها في<br />

مملكة عضد الدولة،‏ ولم يقبل ما أشير به عليه من<br />

االحتياط باستصحاب اخلفراء،‏ فجرى ما هو مشهور<br />

من خروج سرّية من األعراب عليه ومحاربتهم إياه<br />

وتكشف الواقعة عن قتله وابنه مُحَ‏ سّ‏ د ونفر من غلمانه.‏<br />

وفاز األعراب بأمواله،‏ وذلك في سنة أربع وخمسين<br />

وثالثمائة«.‏<br />

من الباحثين مَن اتهم عضد الدولة بتصفية<br />

الشاعر،‏ ومنهم من اتهم أعداء آخرين للشاعر،‏ ولكن<br />

عبدالله الطيب،‏ يقف عند قول الثعالبي:‏ ‏»فجرى ما هو<br />

مشهور...‏ إلخ«‏ ويتابع:‏ ‏»ومع شهرته ال ندري عمن تلقاه<br />

راووه.‏ فمنهم قائل إن فاتكا الذي عرض ألبي الطيب<br />

في جماعة من األعراب،‏ فعل ذلك غضباً‏ من بائيته<br />

التي هجا بها ضبّة«.‏ قال العكبري:‏ ‏»وقال يهجو ضبّة<br />

بن يزيد العيني وصرّح بتسميته فيها ألنه كان ال يفهم<br />

التعريض.‏ كان جاهالً.‏ وهذه القصيدة من أردأ شعر<br />

املتنبي«،‏ وكأن العكبري قد غفل أن من مذهب البداوة<br />

في اإلفحاش بعض هذا وما يقاربه كالذي كان يقع عند<br />

الفرزدق وجرير مثالً.‏<br />

ومن قائل إن أبا الطيب فرّ،‏ وذكّره غالمه قوله:‏<br />

‏»اخليل والليل والبيداء تعرفني...«‏ فثبت وقُتل،‏ أو قال<br />

للغالم قتلتني أو شيئاً‏ من هذا املعنى.‏ وإن صحّ‏ هذا اخلبر،‏<br />

فهو أشبه مبا اعتاده أبوالطيب من االستعداد للحاربن<br />

واإلفالت منهم.‏ ولعله جنا من هذا الذي ذكروا أن اسمه<br />

فاتك ثم أصيب من بعد.‏ فكلّهم يجمعون أنه قد قُتل بدير<br />

العاقول،‏ وهو بسواد بغداد،‏ وال يُعقل أن يكون اعتراض<br />

األعراب ألبي الطيب قريباً‏ من بغداد.‏ وأرجح من ذلك<br />

أن يكون األعراب قد لقوه بعيداً‏ عنها،‏ وملا أفلت بعد<br />

قتال ما،‏ أمن إلى النجاة وحسب أن السلالمة تستمر به<br />

من بعد - على حد تعبير الثعالبي - ولكن الذين أغروا<br />

به األعراب ليقتلوه يبدو أنهم أيضاً‏ قد أوكلوا به آخرين<br />

يراقبون مقدمه عند دير العاقول،‏ أو قل خارج بغداد غير<br />

حدّ‏ بعيد عنها.‏ فلما رأوه قادماً‏ مطمئناً‏ قد جنا،‏ رموه<br />

بسهم وانتهبوا ماله.‏ ‏»وال يُستبعد أن يكون سيف الدولة<br />

وراء جميع ذلك التدبير«.‏ فقد ذكروا أنه كان يغضبه أن<br />

يطول سكوت املتنبي عن مدحه،‏ فكيف إذا انصرف عنه<br />

بالكليّة ومدح سواه؟.‏ وال شك قياساً‏ على الذي ذكروا من<br />

غضبه عليه حن تأخر مدحه عنه،‏ أن يكون رأى أنه قد<br />

خانه بالصيرورة إلى كافور فعضد الدولة.‏ وقد كان رفض<br />

أبي الطيب االستجابة إلى دعوته آخر األمر هو القاضية.‏<br />

وما كان ليعسر من بعد على أعداء أبي الطيب بحلب أن<br />

يتصلوا بأعدائه في بغداد وتتمّ‏ املؤامرة.‏ وقدمياً‏ قد قال:‏<br />

إذا ترحّ‏ لت عن قوم وقد قدروا<br />

أالّ‏ تفارقهم فالراحلون هُ‏ مُ‏<br />

لئن تركن ضُ‏ ميرا عن ميامننا<br />

ليحدثنّ‏ ملن ودّعتُ‏ هم ندمُ‏<br />

أو ‏»لسيف الدولة الندم«‏ كما روى بعضهم.‏ فهل<br />

كان ذلك الندم قبل دير العاقول أم بعده؟ الله أعلم<br />

أيّ‏ ذلك كان.‏<br />

على هذا التحليل وإلى هذه األسباب يستند<br />

د.عبدالله الطيّب في توجيه اتهامه إلى سيف الدولة<br />

في تدبير مقتل شاعره األثير السابق وشاعر العرب<br />

السابق والالحق.‏ وجهة نظر جديرة باالهتمام وجديرة<br />

بفتح حتقيق جديد حول مقتل الشاعر الذي لم يُدفن<br />

قرب دير العاقول وحسب،‏ وإمنا في كل أرض عربية،‏<br />

إن لم يكن في وجدان كل عربي ><br />

77<br />

مع أبي الطيب املتنبي

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!