13.07.2015 Views

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

بالملك بعده لولده عماد الدين زنكي بن مودود،‏ وهو أكبر أولاده،‏ وأعزهم عليه،‏ وأحبهم إليه.‏ وكان النائب عنقطب الدين حينئذ والقيم بأمر دولته فخر الدين عبد المسيح،‏ وكان يكره عماد الدين زنكي لأنه كان قد أكثر المقامعند عمه الملك العادل نور الدين رحمه االله تعالى،‏ وتزوج ابنته،‏ وكان عزيزه وحبيبه.‏ وكان نور الدين يبغض عبدالمسيح لظلم كان فيه،‏ ويذمه ويلوم أخاه قطب الدين على توليته لأموره.‏ فخاف عبد المسيح أن يتصرف عمادالدين في أموره عن أمر عمه فيعزله ويبعده،‏ فاتفق هو والخاتون ابنة حسام الدين تمرتاش،‏ زوجة قطب الدين،‏ فردوهعن هذا الرأي.‏ فلما كان الغد أحضر قطب الدين مودود الأمراء واستحلفهم لولده سيف الدين غازي.‏ وتوفي وقدجاوز عمره أربعين سنة.‏وكان تام القامة كبير الوجه،‏ أسمر اللون،‏ واسع الجبهة،‏ جهوري الصوت.‏ وكانت ولايته إحدى وعشرين سنةوخمسة أشهر و نصفا ً.‏ولما توفي استقر سيف الدين غازي في الملك ورحل عماد الدين إلى عمه نور الدين شاكيا ً ومستنصر ًا.‏ وكان عبدالمسيح هو متولى أمور سيف الدين ويحكم في مملكته،‏ وليس لسيف الدين من الأمر إلا اسمه،‏ لأنه في عنفوان شبابهوعزة حداثته.‏قال:‏ وهذه حادثة تحث على العدل:‏ كان من جملة أعمال جزيرة ابن عمر قرية تسمى العُق َيمة مقابل الجزيرة منالجانب الشرقي،‏ يفصل بينهما دجلة لها بساتين كثيرة،‏ بعضها تمسح أرضه ويؤخذ على كل جريب من الأرض التيقد زرعت شئ معلوم وبعضها عليه خراج ولا مساحة عليه،‏ وبعضها مطلق منهما.‏ فالممسوح منها لايحصللأصحابه منه إلا القدر القريب،‏ وكان لنا هبا عدة بساتين.فحكى لي والدي قال:‏ جاءنا كتاب فخر الدين عبدالمسيح إلى الجزيرة،‏ وأنا حينئذ أتولى ديواهنا،‏ يأمر بأن تجعل بساتين العقيمة كلها ممسوحة؛ فشق ذلك علي َّ لأجلأصحاهبا،‏ ففيها ناس صالحون ولي هبم أنس وهم فقراء.‏ فراجعته،‏ وقلت له:‏ لاتظن أني أقول هذا لأجل ملكي،‏ لاواالله،‏ وإنما أريد أن يدوم الناس على الدعاء للمولى قطب الدين وأنا أمسح ملكي جميعه.‏ قال:‏ فأعاد الجواب بأمرالمساحة ويقول:‏ تمسح أولا ملكك ليقتدي بك غيرك،‏ ونحن نطلق لك ما يكون عليه.‏ فشرع النواب يمسحون.‏وكان بالعقيمة رجلان صالحان بيني وبينهما مودة،‏ اسم أحدهما يوسف والآخر عبادة،‏ فحضرا عندي وتضرّرا منهذه الحال،‏ وسألاني المكاتبة في المعنى؛ فأظهرت لهما كتاب عبد المسيح جو ابا ً عن كتابي،‏ فشكراني،‏ وقالا:‏ وأ يضا ًتعودُ‏ تراجعهُ.‏ فعاودت القول،‏ فأصر على المساحة؛ فعر َّفتهما الحالة.‏ فلما مضى عدة أيام عدت يوما ً إلى داري وإذاهما قد صادفاني على الباب،‏ فقلت لنفسي:‏ ع جبا ً لهذين الشيخين،‏ قد رأيا مراجعتي وهما يطلبان مني مالا أقدر عليه!‏فقلت لهما:‏ واالله إني لأستحيي منكما كلما جئتما في هذا المعنى،‏ وقد رأيتما الحال كيف هو.‏ فقالا:‏ صدقت،‏ ولمنحضر إلا لنعرفك أن حاجتنا قضيت.‏ فظننت أهنما أرسلا إلى الموصل من شفع لهما،‏ فدخلت إلى داري وأدخلتهمامعي،‏ وسألتهما عن الحال كيف هو،‏ ومن الذي سعى لهما.‏ فقالا:‏ إن رجلا من الصالحين الأبدال شكونا إليه حالنا،‏فقال:‏ قد قضيت حاجة أهل العقيمة جميعهم.‏ قال:‏ فوقع عندي من هذا ولكن تارة أصدقهما لما أعلم من صلاحأحوالهما،‏ وتارة أعجب من سلامة صدورهما،‏ كيف يعتمدان على هذا القول ويعتقدانه و اقعا ً لاشك فيه!‏ فلما كانبعد أيام وصل قاصد من الموصل بكتاب يأمر فيه بإطلاق مساحة العقيمة وإطلاق كل مسجون وبالصدقة،‏ فسألتالقاصد عن السبب،‏ فأخبرنا أن قطب الدين شديد المرض.‏ قال:‏ فأفكرت في قولهما وتعجبت منه،‏ ثم توفي بعد يومينمن هذا.‏ ورأيت والدي إذا رأى أحد الرجلين يبالغ في إكرامه،‏ ويحترمه،‏ ويقضي أشغاله،‏ واتخذهما صديقين.‏قال:‏ وكان قطب الدين من أحسن الملوك،‏ وأعف َّهم عن أموال رعيته،‏ محسنا إليهم،‏ كثير الإنعام عليهم،‏ محبو با ً إلى

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!