13.07.2015 Views

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

وهو يستغيث ويبكى وقد شق ثوبه وهو يقول:‏ يانور الدين:‏ لو رأيتنا وما نحن فيه من الظلم لرحمتنا؛ أين عدلك!‏وقصد تربة نور الدين ومعه من الخلق ما ً لا يحصى وكلهم يبكى ويصبح.‏ فوصل الخبر إلى صلاح الدين وقيل له:‏احفظ البلد والرعية و إلا خرج عن يدك.‏ فأرسل إلى ذلك الرجل وهو عند تربة نور الدين يبكى والناس معه فطيبقلبه ووهبه شيئا ً وأنصفه،‏ فبكى أشد من الأول.‏ فقال له صلاح الدين:‏ لم تبكى؟ قلل:‏ أبكى على سلطان عدل فينابعد موته.‏ فقال صلاح الدين:‏ هذا هو الحق،‏ وكل ما ترى فينا من عدل فمنه تعلمناه.‏قلت:‏ ومن عدله أن بنى دار العدل.‏ قال ابن الأثير:‏ كان نور الدين رحمه االله أول من بنى دارا للكشف وسماها دارالعدل.‏ وكان سبب بنائها أنه لما طال مقامه بدمشق وأقام هبا أمراؤه،‏ وفها أسد الدين شيركوه وهو أكبر أمير معه،‏وقد عظم شانه وعلا مكانه،‏ حتى صار كأنه شريك في الملك واقتنوا الأموال وأكثروا؛ تعدى كل واحد منهم علىمن يجاوره في قرية أو غيرها.‏ فكثرت الشكاوى إلى كمال الدين فانصف بعضهم من بعض،‏ ولم يقدم على الإنصافمن أسد الدين شيركوه.‏ فأهنى الحال إلى نور الدين،‏ فأمر حينئذ ببَناء دار العدل.‏ فلما سمع أسد الدين بذلك أحضرنوابه جميعهم وقال لهم:‏ اعلموا أن نور الدين ما أمر ببناء هذه الدار إلا بسببي وحدي؛ و إلا فمن هو الذى يمتنععلى كمال الدين؟ وواالله لئن أحضرت إلى دار العدل بسبب أحدكم لأصلبنه.‏ فامضوا إلى كل من بينكم و بينهمنازعة في ملك فافصلوا الحال معه،‏ وأرضوه بأي شيء أمكن،‏ ولو أتى ذلك على جميع ما بيدي.‏ فقالوا له:‏ إنالناس إذا علموا هذا اشتطوا في الطلب.‏ فقال:‏ خروج أملاكي عن يدي أسهل على من أن يراني نور الدين بعينأتي ظالم،‏ أو يساوى بيني و بين آحاد العامة في الحكومة.فخرج أصحابه من عنده وفعلوا ما أمرهم،‏ وأرضواخصماءهم،‏ وأشهدوا عليهم.‏ فلما فرغت دار العدل جلس نور الدين فيها لفصل الحكومات.‏ وكان يجلس فيالأسبوع يومين وعنده القاضي والفقهاء؛ و بقى كذلك مدة فلم يحضر عنده أحد يشكو من أسد الدين.‏ فقال نورالدين لكمال الدين:‏ ما أرى أحدا يشكو من شيركوه.‏ فعرفه الحال،‏ فسجد شكرا الله تعالى،‏ وقال:‏ الحمد الله الذيجعل أصحابنا ينصفون من أنفسهم قبل حضورهم عندنا.‏ قال ابن الأثير:‏ فانظر إلى هذه المعدلة ما أحسنها،‏ و إلىهذه الهيبة ما أعضمها،‏ و إلى هذه السياسة ما أسدها؛ هذا مع أنه كان لا يريق دما ً،‏ ولا يبالغ في عقوبة،‏ وإنما كانيفعل هذا صدقه في عدله وحسنُ‏ نيته.‏قال:‏ وأما شجاعته وحسن رأيه فقد كانت النهاية إليه فيهما،‏ فإنه أصبر الناس في الحرب وأحسنهم مكيدة ورأيا،‏وأجودهم معرفة بأمور الأجناد وأحوالهم،‏ و به كان يضرب المثل في ذلك.‏ سمعت جمعا كثير ا ً من الناس لا أحصيهميقولون أهنم لم يروا على ظهر الفرس أحسن منه،‏ كأنه خلق عليه لا يتحرك ولا يتزلزل.‏ وكان من أحسن الناس لعبا ًبالكرة وأقدرهم عليها؛ لم يرجو كأنه يعلو على رأسه.‏ وكان ربما ضرب الكرة و يجرى الفرس ويتناولها بيده منالهواء ويرميها إلى آخر الميدان.‏ وكانت يده لا ترى والجوكان فيها بل يكون في كم قبائه استهانة باللعب وكان إذاحضر الحرب اخذ قوسين وتركاشين و باشر القتال بنفسه،‏ وكان يقول:‏ طالما تعرضت للشهادة فلم أدركها.‏ سمعهيوما ً الإمام قطب الدين النيسابورى الفقيه الشافعي وهو يقول ذلك فقال له:‏ باالله لا تخاطر بنفسك و بالإسلاموالمسلمين فإنك عمادهم،‏ ولئن اصب والعياذ باالله في معركة لا يبقى من المسلمين أحد إلا أخذه السيف وأخذتالبلاد.‏ فقال:‏ يا قطب الدين:‏ ومن محمود حتى يقال له هذا؟ قبلى من حفظ البلاد والإسلام،‏ ذلك االله الذي لا إلهإلا هو.‏ قال:‏ وكان رحمه االله يكثر إعمال الحيل والمكر والخداع مع الفرنج،‏ خذلهم االله تعالى،‏ وأكثر ما ملكه منبلادهم به.‏ ومن جيد الرأي ما سلكه مع مليح بن ليون ملك الأرمن صاحب الدروب،‏ فإنه ما زال يخدعه ويستميله،‏ حتى جعله في خدمته سفرا وحضرا؛ وكان يقاتل به الإفرنج،‏ وكان يقول:‏ إنما حملني على استمالته أن

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!