13.07.2015 Views

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

غير هذا الكتاب على سيرة سيد الملوك بعده،‏ الملك الناصر صلاح الدين.‏ فوجدهتما في المتاخرين،‏ كالعُمَرين رضياالله عنهما في التقدمين؛ فإن كل ثان من الفريقين حذا حذو من تقدمه في العدل والجهاد،‏ واجتهد في إعزاز دين االلهأى الجهاد،‏ وهما ملكا بلدتنا،‏ وسلطانا خطتنا،‏ خصنا االله تعالى هبما فوجب علينا القيام بذكر فضلهما.‏ فعزمت علىإفراد ذكر دولتيهما بتصنيف،‏ يتضمن التقريظ لهما والتعريف.‏ فلعله يقف عليه من الملوك،‏ من يسلك في ولايتهذلك السلوك،‏ فلا أبعد أهنما حجة من االله على الملوك المتأخرين،‏ وذكرى منه سبحانه فإن الذكرى تنفع المؤمنين.‏فإهنم قد يستبعدون من أنفسهم طريقة الخلفاء الراشدين،‏ ومن حذا حذوهم من الأئمة السابقين؛ و يقولون:‏ نحن فيالزمن الأخير،‏ وما لأولئك من نظير.‏ فكان فيما قدر االله سبحانه من سيرة هذين الملكين إلزام الحجة عليهم،‏ بمن هوفي عصرهم،‏ من بعض ملوك دهرهم،‏ فلن يعجز عن التشبه هبما أحد،‏ إن وفق االله تعالى الكريم وسدد.واخذتذلك من قول أبي صالح شعيب بن حرب المدائني رحمه االله وكان أحد السادة الأكابر في الحفظ والدين قال:‏ إنيلأحسب يحاء بسفيان الثوري يوم القيامة حجة من االله تعالى على هذا الخلق،‏ يقال لهم إن لم تدركوا نبيكم فقدأدركتم سفيان؛ ألا اقتديتم به ؟!‏ وهكذا أقول هذان الملكان حجة على المتأخرين من الملوك والسلاطين.‏ ف َلِله درهمامن ملكين تعاقبا على حسن السيرة،‏ وجميل السريرة.‏ وهما حنفي وشافعي،‏ شفى االله هبما كل غى،‏ وظهرت هبما منخالقهما العناية،‏ فتقاربا حتى في العمر ومدة الولاية.‏ وهذه نكتة قل من فطن لها ونبه عليها،‏ ولطيفة هداني االلهبتوفيقه إليها.‏ وذلك أن نور الدين رحمه االله ولد سنة إحدى عشرة وخمسمائة وتوفى سنة تسع ويتين،‏ وولد صلاحالدين رحمه االله سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة وتوفى سنة تسع وثمانين.‏ فكان نور الدين أسن من صلاح الدين بسنةواحدة وبعض أخرى،‏ وكلاهما لم يستكمل ستين سنة.‏ فانظر كيف اتفق أن بين وفاتيهما عشرين سنة،‏ وبين مولدهماإحدى وعشرين سنة.‏ وملك نور الدين دمشق سنة تسع وأربعين،‏ وملكها صلاح الدين سنة سبعين؛ فبقيت دمشقفي الملكة الفورية عشرين سنة،‏ وفي المملكة الصلاحية تسع عشرة سنة،‏ تمحى فيه السيئة وتكتب الحسنة؛ وهذا منعجيب ما اتفق في العمر ومدة الولاية ببلدة معينة لملكين متعاقبين؛ مع قرب الشبه بينهما في سيرهتما،‏ والفضلللمتقدم؛ فكأن زيادة مدة نور الدين كالتنبيه على زيادة فضله،‏ والإرشاد إلى عظم محله،‏ فإنه أصل ذلك الخير كله،‏مهد الأمور بعدله وجهاده وهيبته في جميع بلاده،‏ مع شدة الفتق،‏ واتساع الخرق وفتح من البلاد ما استعين به علىمداومة الجهاد فهان على من بعده على الحقيقة،‏ سلوك تلك الطريقة،‏ لكن صلاح الدين أكثر جهادا،‏ وأهم بلادا،‏صبر وصابر،‏ ورابط وثابر،‏ وذخر له من الفتوح أنفسه،‏ وهو فتح الأرض المقدسة فرضى االله عنهما فما أحقهمابقول الشاعر:‏ " كم ترك الأول للآخر "وألبس االله هاتيك العظام،‏ وإنسق ثرى أودعوه رحمة ملأت......بلين تحت الثرى،‏ عفوا وغفرانامثوى قبورهم روحا وريحاناوقد سبقني إلى تدوين مآثرهما جماعة من العلماء،‏ والأكابر الفضلاء.‏ فذكر الحافظ الثقة أبو القاسم علي بن الحسنالدمشقي في تاريخه ترجمة حسنة لنور الدين محمود بن زنكي رحمة االله،‏ ولأجله تمم ذلك الكتاب وذكر اسمه فيخطبته.‏ وذكر الرئيس أبو يعلى حمزة ابن أسد التميمي في مذيل التاريخ الدمشقي قطعة صالحة من أوائل الدولةالنورية إلى سنة خمس وخمسين وخمسمائة.‏ وصنف الشيخ الفاضل عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بنعبد الكريم الجزري،‏ عرف بابن الأثير،‏ مجلدة في الأيام الأتابكية كلها وما جرى فيه،‏ وفيه شىء من أخبار الدولةالصلاحية لتعلق إحدى الدولتين بالأخرى لكوهنا متفرعة عنها.‏ وصنف القاضي هباء الدين أبو المحاسن يوسف بنرافع بن تمتم الموصلي.‏ عرف بابن شداد قاضي حلب مجلدة في الأيام الصلاحية وسياق ما تيسر فيها من الفتوح،‏

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!