DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
مجدهم وثراءهم الفاحش على نهب الغابات وإبادة التجانس.وميزة هاريسون أنه يشبه آرنست همنغواي في إظهار منتبقى من الهنود في صورة إنسانية بعيدة عن النمطية التيبرزت في أفام »رعاة البقر«. ومثل هاريسون، يفضِّ ل كورماكمكارثي)1933 - رود آياند( تخوم المكسيك على صخبالمدن، لمعالجة ثيمة »القيامة«، والتدهور المطلق، مثلماهو الحال في روايته الشهيرة »الكبار ال وطن لهم«. وعلىخاف مكارثي، يفضِّ ل »داي دي ليلو« المولود في نيويورك)1936(، ضجيج المدن، للتعبير عن التيه األميركي لمرحلة مابعد الحداثة، عبر تناوله مواضيع القلق والموت، في أعمالروائية مثل »أميريكانا«، أو »غريت جونز ستريت«. ويضافإلى تيار ما بعد الحداثة الذي ينتمي إليه »دي ليو«، الروائيتوماس بينشون، )درس األدب على يد فاديمير نابوكوففي جامعة كورنيل(، الذي ينقلنا الى األماكن األكثر غموضاًفي الذات اإلنسانية. ويعدّ فيليب روث ثالث روائي ينتمي لهذاالتيار، ويعتقد روث بأن الكتابة اإلبداعية عبارة عن معركةمستمرة ضدّ الحماقة. حين نشر رواية »الرعوية األميركية«سنة 1997، التفت إلى تاريخ أميركا ضمن ثاثية روائية.وبعد رواية »الرعوية األميركية« نشر الجزء الثاني بعنوان»تزوّ جت بشيوعي«، ثم جاءت رواية »الوصمة البشرية« سنة2000، فقدَّم من خالها تفكيراً عميقاً في الشخصية األميركيةمنذ األربعينيات. أما توني موريسون الحائزة على جائزةنوبل لآداب سنة 1993، فعادت إلى تقاليد ريتشارد رايث،وروح وليام فولكنر، الستعادة ما تبقّى من الذات للزنوج.الروائي في عزلتهبقيت الرواية األميركية تعرف تنوُّ عاً من حيث الثيماتواألجواء وأساليب الكتابة، تتجدّد عبر أزمنة مختلفة، وتسيرخاضعة للتنوُّ ع الجغرافي أحياناً، ولتأثير التيارات الفلسفيةواألدبية التي كانت تظهر هنا وهناك، تماماً كما خضعتللراهن، ولروح العصر. وفي خضم هذا التطوُّ ر، برز، خالالسنوات األخيرة، روائيّون أميركيون مقتدرون، تناولواحتى ماهية الرواية كما حدث مع بول أوستر.لقد قدَّم أوستر أعماالً روائية مختلفة، تبحث عن معنىالكون واإلنسان، فهو أكثر الروائيين األميركيين انفتاحاً علىالثقافات األخرى، وتكمن قوته في أنه يملك القدرة على وضعالقارئ في متاهة السرد واستطرادات ال نهاية لها. فكتبت عنهصحيفة »سان فرانسيسكو كرونيكل«: »يمتلك أوستر موهبةًهائلةً في خلق عوالمَ فانتازيّة وقابلة للتصديق في الوقتنفسه«.من ثاثيته النيويوركية الشّ هيرة اتَّضح أن هاجس أوستر،هو أن األحداث تحدث بسرعة من حولنا، وتخضع للصدفة،وعليه- بوصفه كاتباً- أن يدوِّ ن ما يحدث من حوله حتىال تختفي تلك األحداث، وظلَّ يسير على هذا التصوُّ ر حتىروايته األخيرة الصادرة سنة 2013 بعنوان »وقائع شتوية«،حيث رسم صورة الفنان وهو يسير إلى الشيخوخة، حتىأننا نجده يطرح السؤال التالي في رواية »موسيقى الصدفة«)1991(: »عند أيّ منعطف تلتقي األحداث العشوائية والصدفوتتّخذ لها طابعاً حتمياً؟« إن الصدفة هي التي جعلت شخصية»جيم ناش« في رواية »موسيقى الصدفة« يعرف لحظة فريدةمن حياته العامرة بالفرحة والتعاسة معاً؛ فبعد أن كان يعملفي إطفاء الحرائق هبطت عليه ثروة مقدارها مئتا ألف دوالر،يرثها عن أبيه الذي لم يلتق به أو يحادثه منذ سنوات بعيدة،فيقرِّر أن يختار طريق الحرّية متنقّاً بسيارته في كل أرجاءأميركا با هُ دى حتى تنفد النقود، فيعود- من حيث أتى - كماكان.وبالرغم من مرور أكثر من عشرين سنة على روايته األولى»ابتداع العزلة«، يظلّ اإلنسان المتوحِّ د ومسألة العزلة ثيمةرئيسة في أعماله الروائية. يروي أوستر في هذه الرواية،ومن زاوية واقعية وفلسفية، قصة عائلته انطاقاً منوفاة والده، فيغوص في تاريخ العائلة المثقل بالجراح،تلك العائلة اليهودية غريبة األطوار، والتي عاش أفرادهامتوحِّ دين، بعضهم مصاب بالعصاب، وأخرون منغلقونعلى أنفسهم، ويشكِّل العالم الخارجي- بالنسبة إليهم- عالماًمخيفاً يجعلهم يركنون إلى العزلة والتوحُّ د.وعاد أوستر مرة أخرى إلى موضوع العزلة والعائلة فيروايته الرابعة »مون باالس« )1990(، لكن، هذه المرة بِنِيّةمحاولة التأثير على العزلة، وتغيير مسار الحياة، وعدماالنسياق وراء التأثيرات السلبية التي تخلِّفها العزلة. ويخبرناأوستر في الرواية ذاتها أن العزلة ال تقتل، وأن الذي يقتل هوتجرُّد اإلنسان من االبتكار في أثناء عزلته. وتروي الروايةقصة »ماركو ستانلي فوف« الروائي الذي يلتقي بجدّه ووالدهصدفة، بعد أن كان يعتقد أنهُولِد من أب مجهول الهويّة،فاتَّخذ لنفسه اسم والدته ايميلي فوف، وبعد حياة قاسيةأوصلته إلى حافة الجوع والفاقة في شوارع نيويورك، يعثرعلى عمل في متجر رجل ضرير يدعى توماس ايفينغ فَقَدَبصره وهو في العشرين، األمر الذي وضع حدّاً لحياته كفنان105