DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
استناداً إلى انسجامهامع المادة المختارة، والتي هي أيضاً منمُ سَ خّ رات الطبيعة. هكذا تعامل الفنان فيصبغ أشكاله باستعمال الحنّاء والزعفرانوالصمغ والكحل والكوبلت وغيرها.إن مواد بلكاهية ال تتقشف في مخاطبةالحواس، فهي ال تهجم على البصر فقطكما ناحظ في مختلف األعمال الفنية، بلوأيضاً تدعو للرغبة في اللمس، كما هواألمر في النحاس، وقد تناوش الشم كذلكفي الجلد الذي هيمن على ريبيرتواره الفني،والذي هو على درجة عالية من النعومة، إذأقام معه رباطاً وجدانياً غائراً في النفس،لدرجة أن أصبح عامته المائزة.تبدو نحاسيات بلكاهية التي استهلاشتغاله بها حوالي منتصف الستينياتمن القرن المنصرم، مرسِّ خة لحُ دوسه الفنيةالتي مارسها في أعماله على الورق، حيثال يتم التخلّي عن توظيف األشكال العضويةحسب مبدأي التناظر ،Analogie واإليقاع،اللذين يحكمان مختلف أعماله. هذه األشكالالمعتمدة على البروز الضئيل ،Bas-reliefsتنساب متموجة، وتُنبئ بتحكم شديد لصنعةالفنان في تشكيلها، حيث تخضع المادةبصورة واضحة للتصوّ ر الفني، بعيداً عنأية تلقائية غير واعية، إذ يحُ د بلكاهيةمن سطوة األشكال، ومراوغات المادةالمنصهرة، والتي يُغريوهجها باالنفات،فيمنحها الفنان ما يشاءمن التموج والجسدانية،Corporalité مُ ستعيناًبلمعان النحاس وحياكتهTexture وألوانه )األصفر-األحمر- البني بتدرجاته الضوئية(،لترتيب األشكال بحسب المستويات Les،plans والتي عادةً ما تكون مُ تعانقة،أو مُ تماثلة En symétrie أو مُ تداخلة،أو مُ تصاعدة نحو األعلى تصاعداً حلزونياًأو هرمياً. في حين تحقق الخلفية الحاملةللمادة المشكَّلة تناغماً لونياً معها.في اشتغاله وانشغاله بمادة النحاس،يُراوح بلكاهية بين األسطح الملساءالمنحوتة بعناية، وتلك التي تزدهيبالثَنْيات ،Plissures كما أنه يولج الشكلمن منظور العاقة بين الذكوري واألنثوي،أو يجعلهما مُ هيئين لذلك. وهو في ذلكيُزاوج بين الفعل الطبيعي، حيث الطبيعةتُدخل األشكال واألعضاء في بعضها البعضلضمان البقاء، والفعل الثقافي من خالتشكيل مواد تراثية أصيلة، تتشبت بوجدانالمجتمعات اإلفريقية، كالنحاس والجلدوغيرها. فبلكاهية حسب توصيف الشاعراللبناني صاح استيتة، يمتلك ثقة كبيرةفي الطبيعة، وفي جودة تقاليده وكفاءتها،التقاليد العربية واألمازيغية واإلسامية،وتقاليد حوض البحر األبيض المتوسط.فريد بلكاهية، تشكيلي ،Plasticienبما تحمل الكلمة من معانٍ ، ولعلّ هذا مايفسر عدم تعامله مع القماش، باستثناءعمل واحد، ومن هنا نفهم أيضاً احتفاءهبين الفينة واألخرى بفن النحت عبر العديدمن األعمال.يُقيم فريد بلكاهية بالضبط على هذه األرض الممتدّة غرب األطلسي، والتيتحدّها المياه الغامرة للمحيط. في هذه النقطة من الكون حيث يتواجد، فإنالانهائي المائي يستدعي ويحثّ على التخيل. وهكذا من الموجة إلى البخار،ومن البخار إلى السحب، فإن شكل السحاب هو نفسه ما يمنح مفردات اللغةليده الخرائطية.ورغم حضور اإلدريسي كظلّ منعكس في أعماله، فإن الفنان بلكاهية ال يعتبرنفسه عالماً جغرافياً. والتغيرات التي طرأت على خريطة اإلدريسي، والتي نراهااليوم، ال تهمه بقدر ما تهمه قدرتها الخارقة، والمجردة كلياً على إعطاء صورةللعالم. ألن العصر يفكر في العالم النهائي والمحدود، ولعلّ شكل الكرة األرضيةالذي يعبر عن نهائيته هذه رمزياً، يُعزّز هذا االنطباع. واإلدريسي يعرف، أويحس على األقل أنه فيما وراء النهائي، تمتد أرض أخرى للقلق والحلم. ففيماوراء العين ضباب كالعدم.جاك لينهاردت)سوسيولوجي وناقد فني(134