12.07.2015 Views

DOHA 86 FINAL web

DOHA 86 FINAL web

DOHA 86 FINAL web

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

فنجان قهوة لطاولة املقعد الفارغسامل الشبانةحقّقت قصيدة النثر العربية منجزاً‏حداثياً‏ بخلخلتها للثابت،‏ إنها كتابة باقاعدة أو مثال سابق عليها،‏ ومن تجلِّياتها:‏الهامشي,‏ والمعيش,‏ واالحتفاء بالتفاصيلاليومية،‏ ومن ثَمّ‏ ابتعدت عن المقوالتالكونية والمسكوكات والمشاريع الكبرى.‏من هذا المنطلق ندلف إلى المجموعالشعرية الجديدة ‏»فنجان قهوة لطاولةالمقعد الفارغ«‏ للشاعر صاح فاروق،‏الصادرة عن ‏)دار األدهم(.‏العنوان هو العتبة التي نعبر منها إلىعالم بناه الشاعر في أنساق لغوية ومنمنطلقات جمالية وفكرية،‏فالافت للنظر احتفاءالعنوان بالفراغ الذي هوضدّ‏ االمتاء؛ فالفراغ هنافقدٌ،‏ وفنجان القهوة احتفاءوضيافة،‏ إنه احتفاء بالفقد.‏ولعلنا ال نغفل عن السخريةالمُ‏ رّة في العنوان.‏ولعل التيمة األساسيةفي الديوان هي الرثاء:‏ رثاءالصديق:‏ مرآة الذات/‏ رثاءالذات يف اغرتابها وفراغالعامل من وجودها اخلافت:‏‏»خسرت هذا العام قدمني/‏ واحدة رفيقغربة/‏ والثانية تسأل عني يف غربتي«‏‏)حين نخسر األقدام،‏ ص 25(.إن الشاعر جعل الصديق قدماً‏ تمشي بهنحو الدفء اإلنساني والبهجة،‏ وتفاعلهمع العالم واالنخراط فيه بكل ما يعتملفيه من غربة ومكابدة،‏ إنها حامل األمنياتوالرغبات المرجوّ‏ ة.‏رثاء الذات التي استُلِبَتْ‏ وفقدتحضورها وتفاعلها مع ما تحبّ‏ ، بسقوطهافي نُظُ‏ م اجتماعية أرهقتها بالقيود وألقتبها في جحيم االغتراب:‏ المدينة،‏ العائلة،‏الغربة،‏ العالم:‏ ‏»ماذا لدينا سوى البقاءفي مقاعدنا / نراقب الخلق وهي تجري«‏‏)المقعد الفارغ،‏ ص 8(.ولعل رثاء الذات تجلّى في نصّ‏‏)خريف 2012( يقول الشاعر:‏ ‏»برد يفعظامي/‏ ووحدة يف قلبي/‏ وفراغ العاملكلّه حاضر إيلّ/‏ يبكي معي ويضحك/‏يبك ي وي دس رأس ه يف عي ون غريب ة/‏وفراش مل يعد يطيقني/‏ وال يصدق أني:‏رفيقه الوحيد«‏ ‏)خريف 2012 ص 46(.الغربة واالغتراب من مظاهر ضياعوذوبان الذات اإلنسانية الفردية وانسحاقهافي العالم الهادر المركّ‏ ب،‏ الذي يتشابكويتصارع بعاقات عصيّةعلى التفكيك وإمكانية فكّ‏شيفراتها؛ فتبحث عن حلوللتفادي هول االنسحاق منخال بُنى شعرية تستحضرالغربة؛ كأنها السحرالتشاكلي كما كتب جيمسفريزر في كتابه ‏»الغصنالذهبي«‏ الذي يقوم علىاستحضار اإلنسان البدائيللحيوان المفترس،‏ الذييخشاه وال يقدر أن يواجهه،‏في رسم أو دمية،‏ وطَ‏ عَ‏ نهللتخلُّص منه.‏ مثال ذلك نصّ‏ ‏)الغربةوالحلم المؤجَّ‏ ل،‏ ص 33(كيف تتخلّص الذات من رعب الغربةوالذوبان في صقيع العالم؟!‏ إن الشاعريرتدّ‏ إلى جنّة النوستالجيا والحنين الذيهو أيضاً‏ ‏»عبودية زرقاء«‏ كما قال مرةالشاعر محمد فريد أبو سعدة.‏أقام الشاعر بُناه الشعرية وتصوّ‏ ره عنالعالم والذات والحياة عبر آليّات لغوية،‏من مامحها استفادته من تقنيات السردكما في نصوص:‏ ‏»اآلباء العصريون-‏ حيننخسر األقدام،‏ كما في األفام«‏ فنجد فيها:‏وصف اليومي والهامشي وتسليط الضوءعلى حدث بؤري،‏ الحوار،‏ اللغة المحايدة؛أقصد عدم انشغالها بالمحسنات الباغيةالقديمة،‏ فهي أقرب إلى لغة اإلنسانالبسيط،‏ خالية من التنميق والمجاز،‏وتؤدّي رسالتها اإلشارية في التواصل،‏عارية من بهرج يعيق رشاقتها،‏ ويفرغهامن محتواها الفكري والشعوري:‏ ‏»ماذايفعل األصدقاء اآلن؟!/‏ يشربون الشاي/‏ويشدون حجرين/‏ واعدين النفس بالكَ‏ فّ‏عن هكذا عادة يف الغد/‏ القريب«‏‏)المقعد الفارغ،‏ ص 5(.الصورة في الديوان هي ‏-غالباً-‏ صوركلّيّة؛ فتقريباً‏ النص الواحد كلّه صورةتعتمد المفارقة والتضادّ‏ الذي يخلق التوتُّروالدهشة؛ وقد تجد صوراً‏ جزئية الفتةمثل قصائد:‏ ‏»الصدر المنتفخ كبالونمتهدِّل،‏ المقعد الفارغ،‏ أصبحت ظلّ‏ ً ناتئاً‏في الدروب،‏ القلب الذي يكلّم نفسه،‏والفتى الحالم«.‏أيضاً‏ من تقنيات الكتابة في الديوانالتناصّ‏ ، سواء مع الكتاب المقدَّس كمافي ‏»القلب الذي يكلم نفسه والفتى الحالم/ هيباتيا«‏ أو مع القرآن الكريم كما فينص ‏»الطريق«.‏ إن التناصّ‏ هنا نسج علىمنوال األسطوري مما يمنح النص مذاقاً‏جديدا،‏ يحيل األسطوري على اليوميوالمعيش وعلى تجربة الذات الشاعرةالتي تحاول صناعة أسطورتها في العالمبآلياتها التي تملكها وهي اللغة.‏إن تجربة الشاعر صاح فاروق فيهذه المجموعة الشعرية تجربة هادئةفي صياغتها،‏ استطاعت أن تعبِّر عنتمزُّق اإلنسان في المدن ومعاناة الغربةوالفقد،‏ والنوستالجيا التي حاولت أنتصنع جنةّ‏ من مواقف وخبرات سعيدةمَ‏ رَّت بالذات الشاعرة.‏120

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!