DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
من املحلية إىل الكونيةشفيق الزكارييُعد فريد بلكاهية من أحد أعمدة الفنالتشكيلي المغربي، حيث تخرّج على يديهعدد كبير من الفنانين المغاربة الذين أصبحوابدورهم أساتذة للفن، نظراً لمساهماتهالمُتعدّدة في المغرب وفي المحافل الدولية،ونظراً لعطاءاته على مستوى التكوين منخال منهجيته في تلقين هذا الجنس فيفترة مُ بكِّرة من تاريخ التشكيل المغربي،سواء أكان على مستوى البحث أم تجديداألنماط التقليدية التي كانت تخضع لتبعيةاالستعمار الغربي، حيث وصفه وزير الثقافةالفرنسي السابق )جاك النغ(، اعترافاً منهبأهمية األسئلة الحقيقية المطروحة، التيحاول من خالها الغور في مضامين عميقةلها عاقة بالوجود والهوية المغربيتَيْن،إذ قال بأن: »فريد بلكاهية عاش كبيراً،وغادرنا كبيراً، وسيبقى كبيراً في تاريخالفن، مكانته رفيعة، ويعد من أكبر الفنانينالمغاربة والعرب...«.ال يتسع المجال هنا للحديث عن تجربتهبرمتها، ألنها غنية بمعطياتها على جميعالمستويات التعبيرية الفنية، حيث كانتله اهتمامات متنوّ عة أخرى، من بينهامساهمته كممثل بأحد األفام السينمائيةالمغربية، واشتغاله بتقنية االستنساخعلى القصيدة الشعرية مع عدد من الشعراءالمغاربة واألجانب، كما أنه قام بإنجاز عددمن المنحوتات الحديدية الضخمة بمراكشومناطق أخرى، كان آخرها بالطريق السياربين الدار البيضاء والرباط...لكن ما مَ يّزَ تجربته، هو انخراطهفي الحركة الثقافية والفنية بمستوياتهاالمُ تعدّدة، استنادا إلى مرجعيات مرئيةوليست نظرية مكتوبة، ألنه من بين الفنانينالقائل الذين راكموا إنتاجات مُ تنوّ عة طالتتقنيات عديدة بحثاً عن وسيلة مقنعة فينظره، لإلجابة عن أسئلة هي أبعد مننوعية األسئلة التي كانت مطروحة في فترةمعينة من تاريخ التشكيل المغربي، علىفريد بلكاهيةالمستويين الجمالي والتقني، خاصة عندانخراطه، وتعهده والتزامه بالقضايا الكبرىالمُتعلّقة بتحديد الهوية في بعديها الشموليوالكوني. فلم يعتمد قط، كما حدث للبعض،على تكرار ما أفرزته العامات واألشكالالتقليدية المُ رتبطة بالصناعة التقليدية،بقدر ما كان يحاول تجاوز هذه األنماطالفلكلورية، ليجعل منها مبحثاً لما تختزنهمن الناحية األنطلوجية والسيميائية... لكلمفرداتها، في محاولة لتجنيس هذا الفعلوإعطائه بعداً مفاهيمياً، دون االنتظار فيماقد يترتب عن هذا الفعل من أرباح ماديةتشترط انبطاح الفنان للمقتني، قناعةووفاء منه باألمانة العلمية.ففي عمله األخير الذي قدمه بالدارالبيضاء بعد مرضه، اشتغل على طريقةحديثة في عرض أعماله ،présentationفقرر تقديمها فوق جدار يحمل صوراً منأيقوناته بتدرجات لونية خافتة، لينصهرالعمل بفضاء القاعة بتناغم وانسجام،وتصبح بذلك عبارة عن مغارة تحفزعلى التساؤل واالكتشاف، ليحفز المشاهدعلى االنخراط في تجربته حسياً وفكرياًوجسدياً، ككتلة موحدة تتفاعل في محورالتيمة المطروحة ذهاباً وإياباً.خاصة أن اختياره انطلق من جذورالتراث المغربي، مُ ستعماً »الحنّاء« كأداةتقليدية في رسم أشكاله، ومستخدماً الجلدوالنحاس والخشب كسند ألعماله عوضالقماش، مما أعطى إلبداعاته نفحة مغربيةوأسلوباً شخصياً انطلق من المحلية إلىالكونية، وليثبت استغناءه عن كل ماقد يؤثر على إبداعاته، من خارج التربةالمغربية، سواء أكان األمر متعلقاً بالموادالمستعملة أم بالمفاهيم المستوردة...،وليظهر بأن إمكانية الكونية أو العالمية اليمكن أن تنطلق إال مما هو محلي، بإضافاتنوعية قد تسهم في إغناء الثقافة والفنفي بعديهما اإلنساني.بعد قضاء خمس سنوات بمدرسة الفنون الجميلة بباريس من 1954 إلى1959 توجّ ه فريد بلكاهية إلى براغ ليقضي ثاث سنوات هناك، حيث سيبلغبتجربته مرحلة النضج. والواقع أن ولعله بالقوس والسهم يبدو سلفاً كنوعمن األبجدية الشخصية. أبجدية تلعب، عبر سائر أعماله، دور معلم repèreضروري للتعبير عن تصوّ ر للوجود. ففي وقت مبكر، اعتبر أن الوجود هومجموعة قوى أرضية، بتواصلها القوي مع العناصر المُ ختلفة والمُ تعدِّدة، يجبأن تنزع إلى نوع من االمتاء الصوفي... لذلك خصّ ص وقتاً طوياً للمدرسةواستكشاف تقنيات جديدة للعمل. هكذا سيترك الصباغة الزيتية على الورقليشتغل على مادة تقليدية هي النحاس.رجاء بنشميس)روائية وناقدة فنية(132