DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
أماكنهمصدى »الجنقو«عبد العزيز بركة ساكنأَعُ دُ أنَّ النصوص هي التي تسوقني إلى األمكنة. وتجارب كتابة رواياتمثل »الجَ نْقُو مَ سامِ يرُ «، »األرضْ ومسيح دارفور« و»الرجُ لُ الخَ رَ ابْ «،براهينُ ثاقبة أستشفعُ بها الظنِّيَّات. لم يدر بخلدي كتابة رواية، وأناأستقل »البربارة«- وهي عربة الند كروزر قديمة الصُ نع يستبدلونماكينتها العاطبة بماكينة تراكتور- من مدينة صغيرة على شاطئ »نهرباسالم« بشرق السودان.بعد أن عبرنا النهر خائضينحاملين أمتعتنا القليلة فوقرؤوسنا، بل كل الذي يدفعنيللس فر ه و إحس اس عص ي باكتش افاألماكن البعيدة ومعرفة ما يدورهنالك. كيف يعيش الناس بعيداًعن المدينة وماذا يفعلون بالتحديدوفي الغالب أشاركهم متع الحياة،حيث إنني أتعلم من الطبيعةمباشرة ما يُستعصى عليّ أخذهمن الكتب. فالطبيعةُ زبُور الزِبَرْ .وكنت مُ ستعداً لاستمتاع أيضاً بماينتظرني. ألن الطريق سينتهي فيمثلث الحدود السودانية- اإلثيوبية-اإلريترية عند قرية صغيرة اسمهاهمدائييت. يفصلها عن إثيوبيا النهرال ذي خضت ه قب ل رك وب »البرب ارة«،ولكنه يُسمى عندها »نهر سيتيت«ومعروف في الجغرافيا بنهر عطبرة.وأن ا أح ب األطعم ة البلدي ة اإلثيوبي ةالمُ تبَّلة وشراب السُ وَ اْ المُ صنَّع محلياًمن الذرة، الذي يهيئ الجميع ألداءرقص بهيج على إيقاعات المغنيةالجميلة »هيلين ملس«.كان بالعربة العجوز قربيعدد كبير من العمال الزراعيينالموسميين ، في الحقيقة كانصندوق العربة الصغير يحملعشرين رجاً ، وامرأتين تركبانيمين السائق كل منهما تحمل طفاًرضيعاً. وكنت الشخص الوحيدالذي ليس من المكان. ويبدوواضحاً للجميع، ليس ذلك منطريقة لبسي أو لغتي وهما مختلفانوغريبان بالطبع، ولكن من طريقةجلوسي في العربة المُ تهالكة، حيثإنني كنت أمسك بكل قواي المقعدالخشبي الذي كان سيطير حتماً فيالهواء مُ تخلصاً مني في تلك الفلواتالشاسعات واهباً إياي طعاماً للطينوهوامه. والعربة تجري بأقصىما لديها من سرعة تراكتور ماركةماسي الروسية. قافزة على الحفروالخيران والجداول المائية الجافةمثل كلب صيد يُطارد ثعلباً ماكراًيَخْ بَر طرائق الهرب جيداً. وعلىالرغم من سحابة الغبار التي نغرقفيها جميعاً وصوت البربارا الذييشبه نهيق مليون حمر مستنفرة،إال أن الرجال كانوا يتحدثونباستمتاع خاص ويضحكون وهمفي استرخاء تام، ويسألونني بينالفينة واألخرى، من أين أنا وإلىأين ذاهب ولم؟ وهذه األسئلة كماعرفت فيما بعد ليست نوعاً منالتحشر فيما ال يعني، ولكن يعتبرهاكل شخص حقاً له أصيل في معرفةالح د األدن ى ع ن اآلخ ر. فالحي اة ف يالمفازات ليست دائماً آمنة، المعرفةُاطمئنانٌ ومشاركةٌ سريةٌ للمصائرْ :أَجْ دَى عَ َّ لي بشخصية عبدالرحمن.يبدو أن الرحلة كانت طويلة جداً،عبر المزارع التي لم يتبق بها سوىسيقان الذرة والسمسم، حيث تمالحصاد منذ شهر مضى، واألشجارشبه جافة واألرض يغلب عليها اللون82