DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
لعب وجدستفانو بينيرحلة األبناء الثالثةكل شخص يغير بلده يحتفظ بجزء من ثقافته ويضحي بآخر.ذلك أنه البد أن يترك مساحة في قلبه للثقافة التي يلتقيها.أحياناً تمحو الثقافة الجديدة الثقافة األخرى، وأحياناً ما يتمالحفاظ على القديمة مع رفض الجديدة، وأحياناً تعيش الثقافتانمعاً، وهو أفضل حل. ولكن السفر رحلة تختلف من شخص إلىآخر. وكما هو الحال دائماً، اسمحوا لي أن أشرح ذلك بقصة.كان لرجل أوالد ثاثة هاجروا إلى أجزاء مختلفة من العالم.ومرّت سنوات عديدة، وذات يوم عاد األول.كان قد تزوّ ج من امرأة من ذلك البلد الذي أصبح بعيداً اآلن،ورزق منها بابن لم يكن يتكلّم لغة األب، الذي نسي هو نفسهلغته األصلية. لم يكن يشعر باالرتياح، ولم يعد يحب األماكنالتي عاش فيها من قبل، وقال ألبيه إنه لم يعد يريد أن يبقىفي البلد التي ولد فيها، نظراً ألنه لم تعد بلده.قاله له األب: »انتظر لبعض الوقت، فربما يتغير شيء«.بعد ذلك بقليل عاد االبن الثاني، مع ابنة له. كان قد عانىكثيراً في البلد التي هاجر إليها، فقد تعرّض فيها للتهميشوالتحقير. لم يكن يعثر على عمل بسهولة فتركته زوجته. قالألبيه إنه لن يترك بلده بعد ذلك أبداً. وإنه سوف يبقى فيهاحتى ولو جاع. »أنا أكره العالم الخارجي«.»انتظر لبعض الوقت، ربما تغير رأيك« قال األب.وفي الشهر التالي عاد االبن الثالث. هو أيضاً واجه مواقفعصيبة، ولكنه نجح وأصبح ثرياً. وكان لديه اثنان من األبناءيرتديان أفخر المابس ويتحليان بالغطرسة. قال ألبيه: »فيالحقيقة، ال يهمني كثيراً في أي بلد أعيش، يكفيني كسب المالوالحياة في رغد، وفيما عدا ذلك تستوي البلدان. وسوف أظلّهنا إذا تمكنت من ضمان صفقات جيدة. وإال فسوف أرحل«.»انتظر وسنرى ماذا سيحدث« قال األب.وبعد شهر بدا أن شيئاً لم يتغير. االبن األول لم يكن راغباًفي أي شيء من بلده القديم، فلم يكن يتكلّم إال مع زوجته،ولم ينجح في عقد صداقات مع أحد، وقال إنه في عجلة منأمره حتى يعود أدراجه.أما االبن الثاني فقد كان يسكر مع األصدقاء القدامى، وكانيعمل دون حماس، وكان يظلّ لساعات جالساً في الميدان، وكانيكره األجانب كافة.والتقى االبن الثالث بعض وجهاء بلدته، وحاول أن يشترياألراضي، ثم غَ ضّ النظر عن كل شيء، وقال: »أعتقد أننيسوف أرحل أيضاً، فهناك بلاد أكثر ثراء من هذا«.قلما كان األبناء الثاثة يتحدثون وقد أصبحوا مثل الغرباء.وذات يوم استدعاهم األب العجوز وقال لهم:»أنا أفهم أنكم أصبحتم مختلفين، ألن االبتعاد كان عندكل واحد منكم مختلفاً. ولكن أود أن أريكم شيئاً. تعالوا إلىالنافذة...«وأراهم أطفالهم، الذين هم أحفاد العجوز. كانوا يلعبونمعاً، وقد عقدوا وشائج الصداقة فلم يعودوا ينفصلون عنبعضهم البعض.وقال العجوز: »كل رحلة قاسية، وكل رحلة فرصة، يجبأن تفهموا ما قد فهمه أطفالكم على نحو أفضل كثيراً مما فهمتم.كل بلد يمكن أن يصبح بلدك إذا تحليت باألمانة وحب المعرفةوالتواضع مع اآلخرين، حتى ولو رفضك البلد الجديد في البداية.وسوف يظلّ دائماً في القلب البلد الذي شهد ميلادك، حتى لوكنت قد عانيت فيه. ارحلوا متى شئتم وعودوا متى شئتم.لقد ولدتم هنا، وأنتم أبناء هذا العالم. إذا كرهوكم فاجعلوهميحبونكم، ولكن ال تكونوا أنتم أبداً البادئين بالكراهية. مهماحدث فأنا عجوز، وال أطلب منكم اليوم إال شيئاً واحداً: ياأوالدي، تساعدوا«.ولكم أن تفكروا فيما انتهت إليه القصة.40