DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
DOHA 86 FINAL web
- No tags were found...
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
ضدّ املُسَ ريَّ َةخطيب بدلةسقط رأسُ »ياسر« على كتفه، وغفا من شدّة اإلعياء. ما يزال الدمُ ينزُّ من زندهرغم الرباط الذي أحكم صديقُه »نزار« شَ دَّهُ على الجرح في غفلة من حارسالسطح.عيناه غامتا، وانتابَ روحَ هُ خَ دَرٌ لذيذ... هذا الخَ دَرُ يعرفُه المعتقلون هنا كلهم،فهو ينجم عن تراجعٍ في تناذُ ر األلم الشديد الذي يسبِّبه الضرب الذي يكيلُه لهمالحرّاسُ على حين غرّة، وباألخص في باحة السجن إبّان فرصة التنفّس.يكون الضرب، عادةً ، بأحزمة البنطلونات، أو بقضبان لينة، أو باألحذيةالعسكرية، على الجسم والرأس واألطراف كيفما اتَّفق، فيترك على األجسادبعضَ الرضوض والكدمات التي تَسْ وَ دُّ مع مرور الزمن وتتندّب، ولكن،حينما يأتي إلى السجن زائرٌ ما، من قيادة المخابرات العامة، أو من شعبةالمخابرات العسكرية، أو من الدائرة المقرَّبة من األسرة الحاكمة؛ ينزل مديرالسجن ومعاونوه، شخصياً، إلى الساحة، ويستخدمون الكابات النحاسيةفي ضرب السجناء عشوائياً، ليُرُ وا ضيوفَهم، عن كثب، كيف أنهم ال يتساهلونفي سحق هذه الحشرات اآلدمية التي تطاولت- في يوم من األيام- على هيبةالقائد التاريخي المُ لْهَم، وعارضت سياسته، وليُمَ تِّعُ وهم بمشاهدة الدم وهوينشب من شرايين المعتقلين، على هيئة نوافير تنزل على الجدران، ثم تسيلرويداً رويداً حتى تصل إلى األرض بفعل الجاذبية، وتتجمَّع في برك صغيرةيمرّ عليها الزمن فتُكَ وِّ نُ رؤيتُها مساحة لحزن تاريخي رهيب.ولألسف، فإن الخدر ال يدوم طوياً، إذ سرعان ما يتعرَّض المعتقلُ لعدوانجديد على روحه، وجسده، فتستنفر أعضاؤه، وتبدأ غددُ ه الصمّ باإلفراز،ويعود األلم أشدّ ما كان عليه قبل تلك اللحظات الرهيبة.تغبَّشَ ت عينا »ياسر«. وكما لو أنه يرى ما يراه في الحلم، رأى بضع شعراتشائبات في رأس حارس السقف الذي كان يذرع المكان جيئة وذهاباً،والكاشينكوف الروسية معلّقة على كتفه، وبين الفينة والفينة يقرفص ويلقينظرة على المعتقلين المُ كَ وَّ مين، بعضهم فوق البعض اآلخر، في الداخل،يسودهم هدوءٌ وصمتٌ وكأنهم مقبرة لألحياء، فإذا ما تحرَّك أحدٌ منهم، علىنحو ال إرادي، يأمره قائاً:- الكلب الذي تحرَّك يحدّد رقمه!فيقول السجين الذي تحرك: 87، مثاً.. وفي صباح اليوم التالي يخرج السجناءالذين دُ وِّ نَتْ أسماؤهم في مختلف المهاجع إلى الباحة، ويتعرَّضون لتعذيب لميعرف له تاريخ المعتقات التتارية والمغولية والنازية والفاشستية والعربيةمثياً.اعْ تُقِلَ »ياسر« في سنة 19<strong>86</strong>، وزُ جَّ به هنا في سجن تدمر، واكتسبَ ، خال أيامقليلة، لقب »أبو المُ سَ يَّرة«، وقد طوَّ ر الدكتور »أيمن« اللقب، فسمّاه بالمصطلحالاتيني Mosayyara« »Anti وتعني »ضد المُ سَ يَّرة«، ألنه كان يحكي لهم،على الدوام، حكايته مع المُ سَ يَّرة التي أوصلته إلى هنا. وكان هذا الحارس،113