12.07.2015 Views

DOHA 86 FINAL web

DOHA 86 FINAL web

DOHA 86 FINAL web

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

د.‏ إسامعيل مهنانةيسألونك عن الحروف قُلْ‏ هيّ‏ تصويتات ممدودة من الحنجرة إلى تخوماألشياء،‏ وَ‏ قُلْ‏ هي الوحدات المُ‏ تناهية لكالمٍ‏ ال نهاية لعوالمه.‏ إن معجزةاللغة كلّها تتأسس على هذه الواقعة اللسانية التي مفادها أنه انطالقاً‏من عدد محدود من الحروف )28 حرفاً‏ في العربية مثالً(‏ يمكن بناء عددٍ‏ المتناهٍ‏ من الكلمات.‏ وإذا كانت اللغة مسكن الكينونة،‏ كما قال هايدغر،‏ فإنالحروف لبِنات عجيبة في بناء بيت الوجود.‏العالم حروف متناثرة..‏تنبّهت البشرية منذ القدم فيالقدرة الخارقة للحرف في تثبيتالعالم في سجلّ‏ الكينونة،‏ فراحتتتهجّ‏ ى صوتها في حروفٍ‏ تُخلّدهاوشماً‏ ونسجاً‏ ونقشاً‏ صخريّاً،‏ حتىال تكاد تخلو ثقافة من التثبيتالحرفي لوجودها وحمايته مناالندثار داخل الحرف.‏رغم قيام الثقافة العربية علىالذاكرة الشعرية الشفاهية،‏ فيالزمن السابق على اإلسام،‏ إال أندخولها التاريخ لم يكن ليمرّ‏ دونبوابة الحرف المُ‏ هرّب من الفارسيةالى العربية.‏ في البدء كان الحرفُ‏ ،متوحّ‏ داً‏ مع صورته فمعناه منساقٌ‏في تعاريجه،‏ فكانت صناعة الحرففي تدوين القرآن فنّاً‏ قائماً‏ بذاته،‏أو هذا ما تشي به المخطوطاتاألولى التي احتفظت بها المتاحف.‏هكذا انحدرت جماليات الخط العربيتوّ‏ ا من عشق الحروف المؤدّية إلىمعنى اإللهي في القرآن،‏ كدروبٍ‏شُ‏ قّت في ركح السماء.‏ ويقرّ‏الكثير من المفسّ‏ رين أن لوقوعالقَسَ‏ م بالحروف في القرآن ثمانِيوعشرين سورة داللة بالغة،‏ إذ هوعدد األحرف العربية.‏ليس صدفة أن تتقوّ‏ م كل معجمية‏»لسان العرب«‏ لدى ابن منظورعلى البناء الحرفي للكلمة العربيةالثاثية.‏ فالكلمة العربية تتشكّل فيبنية اختافية بين ثاثة حروف،‏ كأنالحرف يشي سلفاً‏ بالمعنى منتظراً‏ومؤجّ‏ اً‏ مقصد المتكلّم.‏ وليس صدفةأن نظرية التقليب للزمخشري تتكئعلى استبدال الحروف لمواضعهافتتهادى معاني الكلمِ‏ متقاربةمتجانسة ومتضادّة،‏ كقولنا ‏)جنس،‏نجس،‏ سجن،‏ نسج،‏ جسن..(.‏فتكون خمسة ألفاظ عربية يُجهلسادسها،‏ ويكون الحرف بطلَ‏المعنى وشهيده المٌرجأ.‏للتصوّ‏ ف اإلسامي قصّ‏ ة طويلةمع الحرف العربي،‏ فهو يعودبالحرف إلى جذبته الصّ‏ وتية األولىلكي يجذّر الكام عند مخارجهالموسيقية،‏ والحروف درجات فيالشّ‏ رف والجذب،‏ حسب نظرية ابنعربي مثاً‏ ، فجذبة ‏»الحاء«‏ مثاً‏‏)يقابلها حرف ال V في اللغاتاألوروبية(‏ تتربّع على عرشالحروف لما يتناسل من توزّ‏ عهاداخل الكلمة من معاني ‏)الحقّ‏ ،الحيُّ‏ ، الحميد،‏ الرحيم،‏ الرحمن،‏الرّوح،‏ الحور،..إلخ(‏ فمن جذبةالح اء تتدفّ ق الحي اة وال والدة ورحِ‏ مالوجود،‏ ومن جذبة الهاء تنحدرمعاني الهو والله والهيام والهوىوالوله..‏ وهكذا.‏في معظم لوحات الخطّ‏ العربيتطغى حروفٌ‏ على حروفٍ‏ أخرى،‏يُهيمن الحاء ‏)بنقاطه ج/خ أوبدونها(‏ ويسافر ليحتل المكانويضع بقية الحروف تحت التواءاتهالعجيبة،‏ فالخط العَ‏ رَ‏ بِي هو الفنالجميل للكتابة العربية التي ساعدتبنيتها وما تتمتع به من مرونةوطواعية وقابلية للمد والرجعواالستدارة والتزوية والتشابكوالتداخل والتركيب،‏ على ارتقاءالخط العربي إلى فن جميل يتميزبقدرته على مسايرة التطوراتوالخامات.‏ فتشكّلت عاقة وثيقةبين كل نوع من أنواعه والموادالتي يكتب بها أو عليها،‏ فيكونُ‏ليناً‏ ينساب برشاقة وغنائية،‏ نجدهُ‏صلباً‏ متزناً‏ يشغل حيزه بجال يمتدإلى ما حوله،‏ ونجدُ‏ الصابة واللين60

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!