العمدة في إعداد العدة

سادسا:‏ ما الفرق بين هذه البيعات وبيعة اإلمام؟
الفرق من عدة وجوه،‏ أذكر أمهها
األول:‏ العاقد للبيعة:‏ بيعة إمام املسلمني يعقدها أهل احلل والعقد يف األمة أو اخلليفة بعهد منه،‏ إال إذا غلبهم أحد
ابلسيف.‏ أما بيعات الناس ‏)عهودهم(‏ على الطاعات فال تفتقر إَل هذا،‏ فللعامة أن يتعاهدوا فيما بينهم على فعل
الطاعات.‏
الَاين:‏ املبايع له:‏ يف بيعة الإمامة جيب أن يكون املبايع
1
له مستوفيا لشرائط الإمامة ، وقد تستثىن بعض الشروط ملن
غلب ابلقهر،‏ أما يف بيعات الناس ‏)عهودهم على الطاعات(‏ فال تلزم هذه الشروط،‏ فللعامة أن يتعاهدوا.‏
وتلزم
الَالث:‏ املبايع عليه:‏ بيعة الإمامة ت ‏ُلْزِم الإمام بواجبات هي يف جمملها تطبيق أحكام الشريعة يف األمة املسلمة 2
هذه البيعة األمة ابلسمع والطاعة لإلمام ونصرته ما مل يتغري حاله ، 3 أما بيعات الناس ‏)عهودهم(‏ فلهم أن يتعاهدوا على
فعل أي طاعة من الطاعات دون حتديد كاجلهاد والدعوة واألمر ابملعروف والنهي عن املنكر وإغاثة امللهوف ونصرة
املظلوم حىت إماطة األذى من الطريق هلم أن يتعاهدوا عليها فهي شُعبة من شعب الإميان.‏
الرابع:‏ الوجو واإللزام:‏ بيعة إمام املسلمني واجبة على كل مسلم،‏ حلديث النيب صلى هللا عليه وسلم:‏ ‏»مَنْ‏ مَاتَ‏
5
4
وَلَيْسَ‏ يفِ‏ عُنُقِهِ‏ ب ‏َيْعَةٌ‏ مَاتَ‏ مِيتَةً‏ جَاهِلِيمةً«‏ . وقال صلى هللا عليه وسلم : ‏»تَلْزَم مجاعَةَ‏ املسلمني وإمامهم«‏ ، وقال أمحد
بن حنبل:‏ ‏]ومن غلبهم ابلسيف حىت صار خليفة ومسُ‏ ي أمري املؤمنني،‏ ال حيل ألحد يؤمن ابهلل واليوم اآلخر أن يبيت
6
وال يراه إماما عليه،‏ برا كان أو فاجرا،‏ فهو أمري املؤمنني حىت صارت هذه املسألة ت ‏ُقَيمد يف كتب اعتقاد أهل السنة.‏
أما بيعات الناس ‏)عهودهم على الطاعات(‏ فال جتب إال على من دخل فيها برضاه،‏ فتجب عليه ابلعهد الذي ألزم به
نفسه،‏ كأن يتعاهد اثنان على حفظ القرآن أو بعضه،‏ فحفظ القرآن ليس بفرض عني،‏ أي ال جيب على كل مسلم،‏
أما إذا تعهد إنسان هبذا فقد وجب عليه.‏
فاخلالصة أن بيعة إمام املسلمني واجبة ابلشرع ابتداء،‏ أما بيعات الناس ‏)عهودهم(‏ فواجبة ابلعهد ملن ألزم نفسه هبا.‏
كما سبق بيانه فيما جيب ابلشرع وما جيب ابلعهد وما جيب هبما.‏
وبيعة إمام املسلمني واجبة على كل مسلم ‏»تلزم مجاعة املسلمني وإمامهم«،‏ أما بيعات الناس ‏)عهودهم(‏ فال جتب
على كل مسلم بل على من ألزم نفسه هبا.‏
16
- 1 األحكام السلطانية للماوردي ص 7
- 2 وقد فصلها املاوردي يف عشرة واجبات ص
15
- 3 املاوردي ص 17
- 4 رواه مسلم عن ابن عمر
- 5 متفق عليه عن حذيفة
- 6 األحكام السلطانية أليب يعلى ص
23 21
053