العمدة في إعداد العدة

‏)أحدها(‏ من جتب عليه
وهو من يقدر عليها وال ميكنه إظهار دينه وال متكنه إقامة واجبات دينه مع املقام بني
الكافرين فهذا جتب عليه اهلجرة لقول هللا تعاَل:‏ ‏}إِنَّ‏ الَّذِينَ‏ تَوَ‏ قَّاهُمْ‏ الْمَالئِكَةُ‏ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ‏ قَالُوا قِيمَ‏ كُنتُمْ‏ قَالُوا كُنَّا
1
مُسْتَضْعَفِينَ‏ قِي األَرْ‏ ضِ‏ قَالُوا أَلَمْ‏ تَكُنْ‏ أَرْ‏ ضُ‏ ‏َّللاَّ‏ ِ وَ‏ اسِعَةً‏ قَتُهَاجِ‏ رُ‏ وا قِيهَا قَأُوْ‏ لَئِكَ‏ مَأْوَ‏ اهُمْ‏ جَهَنَّمُ‏ وَ‏ سَاءَتْ‏ مَصِ‏ ً يرا{‏ ،
وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب وألن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه واهلجرة من ضرورة الواجب
وتتمته وما ال يتم الواجب إال به فهو واجب.‏
الَاين من ال هجرة عليه وهو من يعجز عنها إما ملرض أو إكراه على الإقامة أو ضعف من النساء والولدان وشبههم
فهذا ال هجرة عليه لقول هللا تعاَل:‏ ‏}إِال الْمُسْتَضْعَفِينَ‏ مِنْ‏ الرِ‏ جَالِ‏ وَ‏ الن ‏ِسَاءِ‏ وَ‏ الْوِلْدَانِ‏ ال يَسْتَِِيعُونَ‏ حِ‏ يلَةً‏ وَ‏ ال
يَهْتَدُونَ‏ سَبِيال قَأُوْ‏ لَئِكَ‏ عَسَى ‏َّللاَّ‏ ُ أَنْ‏ يَعْفُوَ‏ عَنْهُمْ‏ وَ‏ كَانَ‏ ‏َّللاَّ‏ ُ
عليها.‏
2
عَفُوًّ‏ ا ً غَفُورا{‏ ، وال توصف ابستحباب ألهنا غري مقدور
والَالث من تستحب له وال جتب عليه،‏ وهو من يقدر عليها لكنه يتمكن من إظهار دينه وإقامته يف دار الكفر،‏
فتستحب له
ليتمكن من جهادهم وتكَري املسلمني ومعونتهم،‏ ويتخل من تكثري الكفار وخمالطتهم ورؤية املنكر
بينهم،‏ وال جتب عليه لإمكان إقامة واجب دينه بدون اهلجرة،‏ وقد كان العباس عم النيب صلى هللا عليه وسلم مقيما
مبكة مع إسالمه،‏ ورَوَينا أن نُعيم النحام حني أراد أن يهاجر جاءه قومه بنو عدي فقالوا له أقم عندان وأنت على
دينك وحنن ‏َّننعك ممن يريد أذاك واكفنا ما كنت تكفينا،‏ وكان يقوم بيتامى بين عدي وأراملهم فتخلف عن اهلجرة
مدة ‏ُث هاجر،‏ فقال له النيب صلى هللا عليه وسلم : ‏«قومك كانوا خريا لك من قومي يل،‏ قومي أخرجوين وأرادوا قتلي
وقومك حفظوك ومنعوك»‏ فقال اي رسول هللا بل قومك أخرجوك إَل طاعة هللا وجهاد عدوه وقومي ثبطوين عن اهلجرة
وطاعة هللا أو حنو هذا القول.‏ أه 3
.515
- 1 سورة النساء،‏ اآلية:‏
- 2 سورة النساء،‏ اآليتان:‏
88 -
89
87
- 3 املغين والشرح الكبري ج 11 ص
513
- 4 متفق عليه
- 5 رواه مسلم عن النعمان بن بشري
- 6 سورة احلجرات،‏ اآلية:‏
13
313