العمدة في إعداد العدة
Mektebe -> Arapça Kitablar -> Cihad
Mektebe -> Arapça Kitablar -> Cihad
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
)النظر الثاين( النظر يف اآلخرة وإقباهلا وجميئها والبُد ودوامها وبقائها وشرف ما <strong>في</strong>ها من اخلريات واملَسَرمات والتفاوت<br />
1<br />
الذي بينه وبني ما ههنا، فهي كما قال هللا سبحانه: }وَ اآلخِ رَ ةُ خَيْرٌ وَ أَبْقَى{ ، فهي خريات كاملة دائمة وهذه<br />
خياالت انقصة منقطعة مضمحلة، فإذا مت له هذان النظران آثر ما يقتضي العقل إيثاره وزهد <strong>في</strong>ما يقتضي الزهد <strong>في</strong>ه،<br />
فكا أحد مطبوع على أن ال يرتك النفع العاجل واللذة الغائبة املنتظرة إال إذا تَبَنيم له فضل اآلجل على العاجل وقويت<br />
رغبته يف األعلى األفضل فإذا آثر الفاين الناق كان ذلك إما لعدم تَبَنيُّ الفضل له وإما لعدم رغبته يف األفضل.<br />
وكل واحد من األمرين يدل على ضعف الإميان وضعف العقل والبصرية، وهلذا نبذها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم<br />
وراء ظهره هو وأصحابه وصرفوا عنها قلوهبم وأطرحوها<br />
ومل َيلفوها وهجروها ومل مييلوا إليها وعَدُّوها سجنا ال جنة،<br />
فزهدوا <strong>في</strong>ها حقيقة الزهد ولو أرادوها لنالوا منها كل حمبوب فقد عُرِضت عليه مفاتيح كنوزها فَرَدمها وفاضت على<br />
أصحابه فآثروا هبا ومل يبيعوا حظهم من اآلخرة هبا، وعلموا أهنا مَعْربَ وممََر ال دار مقام ومستقر، قال النيب صلى هللا عليه<br />
وسلم:<br />
هذا<br />
«<br />
مَا يلِ وَلِلدُّنْيَا إَِّنمَا أَانَ كَرَاكِبٍ قَالَ يفِ ِ ظِل شَجَرَةٍ ُثُم رَاحَ وَتَرَكَهَا<br />
2<br />
» هأ .<br />
ّ<br />
هذا <strong>في</strong>ما يتعلق بنبذ الرتف وأخذ األمري أتباعه ِبشونة العيش، لٍمَا يف ذلك من منافع للعبد يف دنياه وأخراه، ويتأكد<br />
يف حق العاملني يف حقل اجلهاد. أما املنافع الدنيوية خلشونة العيش فهي ما أشران إليه آنفا. وأما املنافع األخروية<br />
فمنها ما يرتتب على املنافع الدنيوية املذكورة ومنها ما يرتتب على ترك احلظ من املتاع الدنيوي لِيُدمخَر لصاحبه يف<br />
اآلخرة، فالراجح أن كل ما حيصل عليه املنمن من حظ يف دنياه ينقص من أجره األخروي وقد أشرت إَل هذا يف<br />
أوائل هذه الرسالة يف شرح النووي حلديث النيب صلى هللا عليه وسلم: »مَا مِنْ غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيمةٍ تَغْزُو فَتَغْنَمُ وَتَسْلَمُ إِالم<br />
كَانُوا قَدْ تد ع ج لُوا ثدُلَُ يْ أُجُورِهِ ْم وَمَا مِ ْن غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيمةٍ ختُْفِقُ وَتُصَا ُب إِال ُت أُجُورُهُ ْم« ، 3 ويف هذا املعىن خَبماب بن<br />
األَرَتّ )هاجران مع النيب صلى هللا عليه وسلم نريد وجه هللا، فوقع أجران على هللا تعاَل، فَمِنما مَنْ مضى مل أيخل من<br />
أجره شيئا، منهم مصعب بن عمري قُتِلَ يوم أُحُد وترك َّنَِرَة، فإذا غَطمينا رأسه بَدَت رجاله،وإذا غطينا رجاله بدا رأسه<br />
فأمران النيب صلى هللا عليه وسلم أن نغطي رأسه وُنعل على رجليه من الإذخر،<br />
4<br />
يد هْدِهبُا( ، والنمرة كساء، ويهدهبا أي يقطفها. وقال ابن حجر يف شرح هذا احلديث: ]قوله:<br />
ومنا من أينعت له مثرته فهو<br />
»مل َيكل من أجره<br />
شيئا« أي من عَرَض الدنيا، وهذا مُشكل على ما تقدم من تفسري ابتغاء وجه هللا، وجيمع أبن إطالق األجر على املال<br />
يف الدنيا بطريق اجملاز لثواب اآلخرة، وذلك أن القصد األول هو ما تقدم لكن منهم من مات قبل الفتوح كمصعب<br />
بن عمري ومنهم من عاش إَل أن فُتِح عليهم، ُث انقسموا فمنهم من أعرض عنه وواسى به احملاويج أوال فأوال حبيث<br />
بقي على تلك احلالة األوَل وهم قليل منهم أبو ذر، وهؤالء ملتحقون ابلقسم األول ومنهم من تَبَسمطَ يف بعض املباح<br />
- 1 سورة اآلعلى، اآلية:<br />
235<br />
17<br />
- 2 ابختصار من )الفوائد البن القيم( ص 84<br />
- 3 رواه مسلم عن عبد هللا بن عمرو<br />
.85<br />
- 4 رواه البخاري