العمدة في إعداد العدة

‏)تنبيه(‏ هل الفرقة الناجية هي الطائفة المنصورة؟
ورد يف معظم كتب العقيدة أن الفرقة الناجية ‏)أهل السنة واجلماعة(‏ هي الطائفة املنصورة ‏]على سبيل املثال:‏ انظر
الباب األخري من العقيدة الواسطية البن تيمية،‏ وكذلك مقدمة كتاب معارج القبول حلافظ حكمي،‏ وغريها[،‏ والذي
يرتجح عندي أن الفرقة والطائفة ليستا مرتادفتني،‏ وأن الطائفة جزء من الفرقة،‏ فالطائفة املنصورة هي اجلزء أو البعض
القائم بنصرة الدين
علما وجهادا من الفرقة الناجية اليت هي على املنهج واالعتقاد الصحيح،‏ وتفريعا من ذلك نقول
أيضا إن اجملدد هو أحد أفراد الطائفة املنصورة الذي قام أبهم واجبات الدين يف زمنه،‏ على قول اجلمهور أبن اجملدد
فرد واحد.‏ ودليلي يف هذا ما يلي:‏
=
1
قول هللا تعاَل ‏}قَلَوْ‏ ال
نَفَرَ‏ مِنْ‏ ِ كُل قِرْ‏ قَةٍ‏ مِنْهُمْ‏ ‏َِائِفَةٌ‏ لِيَتَفَقَّهُوا قِي الدِي ‏ِن{‏‎1‎
فهذه اآلية فَرمقت بني الفرقة
والطائفة،‏ وبينت أن الطائفة جزء من الفرقة،‏ وأهنا هي اجلزء القائم ابلعلم واجلهاد من الفرقة.‏ كما يف تفسري هذه اآلية
‏)راجع ابن كثري(.‏
= 2
العلم واجلهاد،‏ ومها أهم صفات الطائفة املنصورة،‏ أصل مشروعيتهما أهنما من فروض الكفاية،‏ جيب على البعض
دون الكل من أبناء األمة القيام هبما،‏ وهذا البعض القائم ابلعلم واجلهاد من األمة هم الطائفة املنصورة.‏
= 3
وقول أئمة احلديث كالبخاري وأمحد،‏ إن الطائفة هم أهل احلديث أو أهل العلم كما ب ‏َومب البخاري على هذا يف
كتاب االعتصام من صحيحه،‏ مشعر هبذا الفرق،‏ فإنه ليس كل من كان من أهل السنة ‏)الفرقة الناجية(‏ فهو من أهل
احلديث.‏ أما ما نقله النووي عن الطائفة ‏]قال أمحد بن حنبل:‏ إن مل يكونوا أهل احلديث فال أدري من هم،‏ قال
القاضي عياض:‏ إَّنا أراد أمحد أهل السنة واجلماعة ومن يعتقد مذهب أهل احلديث[‏ فقول القاضي عياض إن أهل
احلديث أي أهل السنة مجيعا،‏ ال يستقيم،‏ إال أن يقال ابلتبعية وهو ما أشار إليه بقوله ‏)ومن يعتقد مذهب أهل
احلديث(‏ فإن العامة ينبغي أن يكونوا تبعا لعلمائهم،‏ فالعلماء هم من أويل األمر املذكورين يف قوله تعاَل ‏}أَِِيعُوا ‏َّللاَّ‏ َ
وَ‏ أَِِيعُوا الرَّ‏ سُولَ‏ وَ‏ أُوْ‏ لِي األَمْرِ‏ مِنْكُمْ{‏ ، 2 وأوضح من ذلك قوله تعاَل:}‏ وَ‏ لَوْ‏ رَ‏ دُّوهُ‏ إِلَى الرَّ‏ سُولِ‏ وَ‏ إِلَى أُوْ‏ لِي األَمْرِ‏
3
مِنْهُمْ‏ لَعَلِمَهُ‏ الَّذِينَ‏ يَسْتَنْبُِِونَهُ‏ مِنْهُمْ{‏ ، ففي هذه اآلية مسى هللا تعاَل العلماء ‏)وهم الذين يستنبطونه(‏ مساهم أويل
األمر،‏ وهذا ن
يف كون العلماء من أويل األمر وفيه إشارة إَل وجوب تسويدهم،‏ كما وردت الإشارة إَل ذلك
4
أيضا يف حديث قبض العلم.‏ فالعامة تبع للعلماء،‏ قال تعاَل:‏ ‏}يَوْ‏ مَ‏ نَدْعُو كُلَّ‏ أُنَاسٍ‏ بِإِمَامِهِ‏ ‏ْم{‏
وأهل السنة
واجلماعة تبع لعلمائهم الذين هم الطائفة املنصورة القائمة يف األمة مقام النيب صلى هللا عليه وسلم . فإذا قيل إن أهل
السنة ‏)الفرقة الناجية(‏ هم الطائفة املنصورة أي ابلتبعية وإال فإن الطائفة أخ
من الفرقة.‏ وهللا تعاَل أعلم.‏
88
1
2
- سورة التوبة،‏ اآلية:‏‎122‎
- سورة النساء،‏ اآلية:‏
58
93
- 3
- 4
سورة النساء،‏ اآلية:‏
سورة الإسراء،‏ اآلية:‏
71