ارتقاء الحياة

الخلية املعقدة
بأكمله؛ فكل النباتات والحيوانات بلا شك ترتبط بعلاقات فيما بينها،‏ بمعنى أننا جميعًا
نتشارك في سلف واحد حسبما يقول العلماء؛ فالحياة املعقدة لم تنبثق بشكل متكرر من
البكترييا في أوقات منفصلة،‏ بمعنى انبثاق النباتات من نوع من البكترييا،‏ والحيوانات
من نوع آخر،‏ والفطريات أو الطحالب من أنواع أخرى.‏ بل على العكس،‏ ففي وقت
واحد نشأت خلية معقدة من البكترييا،‏ واستمرت ذرية تلك الخلية لتنشأ عنها املمالك
الكبرية للحياة املعقدة؛ وهي:‏ النباتات،‏ والحيوانات،‏ والفطريات،‏ والطحالب.‏ وتلك الخلية
الأم،‏ أي السلف الأكبر لكل صور الحياة املعقدة،‏ تختلف كثريًا عن البكترييا؛ فإذا نظرنا
إلى شجرة الحياة،‏ فكأن البكترييا تشكل جذورها،‏ بينما تشكل الكائنات املعقدة املألوفة
أغصانها.‏ ولكن ماذا بشأن جذع الشجرة؟ مع أننا يمكن أن نعتبر الكائنات الأولية وحيدة
الخلية،‏ مثل الأميبا،‏ أشكالاً‏ وسيطة؛ فإنها في الواقع ومن نواحٍ‏ كثرية تُعتبرَ‏ معقدة مثل
النباتات والحيوانات.‏ إنها بالتأكيد تستقر عند فرع سفلي أدنى،‏ ولكنها مع ذلك تظل
فوق مستوى جذع الشجرة.‏
ذلك البون الشاسع بني البكترييا والكائنات الأخرى الأكثر رقيٍّا هو بالأساس مسألة
تنظيم على مستوى الخلايا.‏ فمن حيث موروفولوجيتها على الأقل — أي شكلها وحجمها
ومكوناتها — تُعتبرَ‏ البكترييا بسيطة؛ فشكلها بسيط عادة،‏ وأغلبها كروي أو عصوي.‏
وهذا الشكل يدعمه جدار خلوي صلب يحيط بالخلية من الخارج،‏ ولا يُوجَد في داخلها
سوى القليل لنراه،‏ حتى مع استخدام قوة تكبري املجهر الإلكتروني.‏ فالبكترييا اختزلت
أجسامها لأقل درجة تتفق مع نمط حياتها حر املعيشة،‏ وحياتها تسري في خط واحد لا
تَحِ‏ يد عنه؛ فكل شيء مسخ َّ ر للتكاثر والتضاعف السريع،‏ والكثري منها يحتفظ بأقل قَدْر
ممكن من الجينات الوراثية لتعيش حياتها،‏ ولديها قابلية لأن تنتزع املزيد من الجينات
من بكترييا أخرى حينما تتعرض للضغوط؛ وذلك حتى تدعم احتياجاتها الجينية،‏ ثم
تفقد تلك الجينات الزائدة مجددًا عند أقرب فرصة،‏ ويتم نسخ جينوماتها الصغرية
بسرعة.‏ وبعض أنواع البكترييا يمكنها أن تتضاعف كل ٢٠ دقيقة؛ مما يتيح لها نموٍّا
مضاعفًا بسرعات مذهلة طاملا بقيت املواد الخام اللازمة لذلك،‏ فإذا حصل أحدها —
يزن واحدًا على تريليون من الجرام — على ما يكفيه من موارد بغري حدود ‏(وهو أمر
مستحيل بالفعل)،‏ يمكنه أن يتكاثر بِحُر ِّية حتى يصل وزن مجموع أعداده إلى ما يعادل
وزن الكرة الأرضية نفسها في أقل من يومني.‏
والآن لننظر إلى الخلايا املعقدة،‏ التي تتمت َّع بعنوان يثري الرهبة،‏ وهو حقيقيات
النوى .eukaryotes كنت أود أن يكون لها اسم أرق ُّ من هذا،‏ وهو على أي حال غري مُع ِّبر
117