Attention! Your ePaper is waiting for publication!
By publishing your document, the content will be optimally indexed by Google via AI and sorted into the right category for over 500 million ePaper readers on YUMPU.
This will ensure high visibility and many readers!
دي إن إيه النووي) للحصول على الدي إن إيه (الحمض النووي الريبوزي املنقوص الأكسجني). لا تزال آلية ذلك تجري اليوم على نوع املواد الوسيطة املتفاعلة (تُعتبرَ جذورًا حرة من الناحية التقنية) املوجود في الفوهات الحرمائية. والتغيري أو الفارق الآخر هو إضافة مجموعة ميثيل CH 3 إلى حرف اليوراسيل للحصول على الثايمني. ونقول مجددًا إن مجموعات امليثيل هي «جذور» حرة متفاعلة من غاز امليثان، تكثر في تلك الفوهات القلوية. وهكذا، فإن َّ صُ نْع الدي إن إيه يُعتبرَ سهلاً نسبيٍّا؛ فهو يتكو َّن تلقائيٍّا في الفوهات الحرمائية مثل الآر إن إيه (وأقصد تكو ُّنه من مواد سابقة بسيطة، وهي عملية يتم تحفيزها بفعل بعض املعادن والنيوكليوتيدات والأحماض الأمينية، وهكذا). ولكن ثمة عمل بارع أكثر صعوبة قليلاً ، وهو الاحتفاظ بالرسالة التي تم َّ تشفريها؛ بمعنى صنع نسخة مطابقة تمامًا من تتابع الحروف في الآر إن إيه في شكل دي إن إيه. هذه أيضً ا ليست عملية شديدة الصعوبة؛ فتحو ُّل الآر إن إيه إلى الدي إن إيه يتطل َّب إنزيمًا واحدًا؛ وهو إنزيم النسخ العكسي الذي تستخدمه الفريوسات القهقرية اليوم، مثل فريوس نقص املناعة البشري. فكم هو عجيب أن ذلك الإنزيم الوحيد الذي «يحطم» الركيزة الأساسية للبيولوجيا الجزيئية — وهي عملية تحو ُّل الدي إن إيه إلى الآر إن إيه ومنها إلى بروتني — هو نفسه الإنزيم الذي حو َّل صخرًا مساميٍّا مليئًا بالآر إن إيه الفريوسي إلى صورة <strong>الحياة</strong> التي نعرفها اليوم! ربما نحن مدينون بنشوء الخلايا الحية لتلك الفريوسات القهقرية املتواضعة. لا يزال هناك الكثري في هذه القصة لم أَقُلْه بعد، وكثري من الأحاجي والألغاز التي أغفلتُها في محاولتي لإعادة بناء قصة تكون منطقية، بالنسبة لي على الأقل. ولا يمكنني أن أد َّعي أن جميع الأدلة التي ناقشناها قطعية، أو أنها أكثر من مجرد دلالات على املاضي السحيق. إلا أنها دلالات أصيلة، يتعني َّ على أي نظرية تثبت صحتها أن تُفسر ِّ ها. هناك أنماط بالفعل في شفرة <strong>الحياة</strong>، وهي أنماط تفرض إعمال كل ٍّ من علم الكيمياء وعملية الانتقاء الطبيعي. تعمل التيارات الحرارية في الفوهات املوجودة في عمق املحيط حقٍّا على تركيز النيوكليوتيدات والآر إن إيه والدي إن إيه، مُحو ِّلة الخلايا املعدنية التي تموج بها إلى عالم مثالي من الآر إن إيه. وهناك حقٍّا فروق عميقة بني العتائق والبكترييا، وهي فروق لا يمكن تفسريها بشكل اعتباطي، وهي فروق توض ِّ ح بالتأكيد أن <strong>الحياة</strong> بدأت بدورة حياة فريوسية قهقرية. 81
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong> إنني أشعر بالإثارة الحقيقية حينما أفكر أن القصة التي حللنا خيوطها هنا يُرج َّح أن تكون صحيحة، ولكن هناك شيء واحد يجعل الشك يعتمل في عقلي؛ وهو النتيجة التي توصلنا إليها وتقضي بأن <strong>الحياة</strong> الخلوية انبثقت مرتني من تلك الفوهات في عمق املحيط. فهل أصابت جزيئات الآر إن إيه الفوهات املجاورة لها بالعدوى، ثم سيطرت في نهاية الأمر على أجزاء كبرية من املحيط، متيحة الفرصة لتفعيل عملية الانتقاء على نطاق عاملي؟ أم هل كان ثمة شيء متفرد ما فيما يتعلق بمنظومة معينة من تلك الفوهات، التي أدت ظروفها غري النمطية إلى نشوء كل ٍّ من العتائق والبكترييا؟ قد لا نعرف الجواب طوال حياتنا؛ ولكن الدور الذي تلعبه الصدفة والضرورة يجب أن يجعل كل إنسان منا يتوقف برهة من أجل التفكري. 82