ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الدم الحار<br />
الزواحف بارعة في امتصاص الطاقة من الشمس، فتدفئ أجسامها وترفع درجة حرارتها<br />
الداخلية إلى مستويات مماثلة للطيور والثدييات. من املؤك َّد أنها لا تحافظ على درجة<br />
الحرارة املرتفعة هذه بعد حلول الظلام، ولكن لا تَنْسَ أن َّ الطيور والثدييات غالبًا ما<br />
تكون خاملة بالليل كذلك. بل ربما تقتصد في الطاقة أيضً ا بخفض درجة حرارتها<br />
الداخلية، ولكنها نادرًا ما تفعل هذا، أو على الأقل لا تفعل هذا كثريًا (وإن كانت طيور<br />
الطنان كثريًا ما تدخل في حالة غيبوبة لتحافظ على طاقتها). وفي عصرنا هذا الذي صرنا<br />
فيه أكثر وعيًا بقضايا الطاقة، قد تدفع الثدييات املهتمني بالبيئة إلى البكاء؛ إذ نَجِ د منظم<br />
درجات حرارة الجسم في املخ مضبوطًا عند ٣٧ درجة مئوية، على مدى ٢٤ ساعة يوميٍّا،<br />
سبعة أيام أسبوعيٍّا، بغض ِّ النظر عن الاحتياجات. ولا تَسَ لْ عن الطاقة البديلة؛ فنحن<br />
لسنا ممن يمتصون طاقة الشمس كالعظايا، ولكننا نول ِّد الحرارة بشكل مدهش عن<br />
طريق محطات توليد الطاقة الحارقة للكربون داخليٍّا؛ مما يجعلنا نُخل ِّف آثارًا كربونية<br />
عملاقة أيضً ا. ومن ثم فالثدييات هي الكائنات الأصلية املستنزفة للبيئة.<br />
وقد تظن أن استمرار الثدييات بأقصى طاقتها خلال الليل يعطيها دفعة لبدء العمل<br />
في الصباح، إلا أن العظايا لا تضيع الكثري من الوقت في رفع درجات حرارتها لتعود إلى<br />
مستويات النشاط املطلوبة. فالعظاءة عديمة الأذنني، على سبيل املثال، لديها جيب دموي<br />
في أعلى رأسها، يمكنها من خلاله تدفئة جسمها بكامله سريعًا. وفي الصباح، تطل برأسها<br />
خارج جحرها، وتتطلع بعينني حذرتني خوفًا من وجود حيوانات مفترسة؛ لتكون على<br />
استعداد للعودة سريعًا إلى جحرها عند الضرورة، وبعد نصف ساعة يكون جسمها في<br />
الغالب قد صار دافئًا لدرجة تكفي لكي تغامر بالخروج من الجحر، وإنها لطريقة آمنة<br />
تبدأ بها يومها. بطبيعة الحال الانتقاء الطبيعي لا يقنع بوجود وظيفة واحدة لأي سمة.<br />
فبعض العظايا، إذا وقعت في الأسر أو أمسك بها حيوان مفترس، تستخدم وسيلة دفاعية<br />
هي وصلة من الجيب الدموي برأسها إلى جفنيها؛ ومن خلال الجفنني يمكنها بخ ُّ الدم<br />
على مفترسات، مثل الكلاب، حتى تجد طعمها كريهًا فتلفظها.<br />
كما أن حجم الجسم وسيلة أخرى للحفاظ على درجات حرارة الجسم املرتفعة. لا<br />
حاجة بك لأن تكون صيادًا رائعًا ذكيٍّا حتى تتخي َّل جلدي حيوانني مفترسني كبساطني<br />
على الأرض. تخي َّل أن أحد الجلدين طوله وعرضه مثل الجلد الآخر مرتني؛ فهذا يعني أن<br />
الحيوان الأكبر حجمًا جلده أكبر من جلد الحيوان الآخر بأربعة أضعاف (٢ × ٢ = ٤)،<br />
ولكنه يكون أثقل بثمانية أضعاف؛ إذ إن جسمه أكثر عمقًا بمرتني (٢ × ٢ × ٢ = ٨).<br />
249