24.11.2015 Views

ارتقاء الحياة

40524903

40524903

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

الإبصار<br />

يهيمن على البحار على مدى ٣٠٠ مليون عام.‏ ظهرت أقدم عني في تلك الطائفة في أقدم<br />

حيوان معروف منها،‏ ويعود إلى ٥٤٠ مليون عام مضى،‏ قرب بداية ‏«الانفجار»‏ الكمبري،‏<br />

كما ذكرنا في بداية هذا الفصل.‏ وبالرغم من كونها عيونًا متواضعة باملقارنة بالروائع<br />

البصرية التي ظهرت بعدها ب ٣٠ مليون عام.‏ فقد أثار الظهور املفاجئ لتلك العيون<br />

لدى ثلاثيات الفصوص في سجل الحفريات تساؤلاً‏ : هل يمكن حقٍّا أن تكون العيون<br />

قد نشأت بهذه السرعة؟ وإذا كان الجواب نعم،‏ فمن املرجح أن تكون حاسة الإبصار<br />

قد حفزت على حدوث الانفجار الكمبري،‏ وذلك حسبما يذهب أندرو باركر.‏ وإذا كان<br />

الجواب بالنفي،‏ فلا بد أن تكون الأعني قد وُجِ‏ دَتْ‏ في وقت سابق،‏ لكن لسبب ما لم تدخل<br />

ضمن الحفريات.‏ وإذا كان الأمر كذلك فلا يُعقَل أن يكون نشوء العيون قد دفع إلى<br />

حدوث الانفجار البيولوجي الكبري.‏<br />

توحي أغلب الدلائل بأن الانفجار الكمبري حدث في وقته ذلك؛ لأن تغري ُّ الأحوال<br />

البيئية سمح بالهروب من قيود الحجم.‏ فاملرجح أن أسلاف حيوانات العصر الكمبري<br />

كانت صغرية الحجم وتفتقر إلى أجزاء صلبة؛ مما يفسر قلة حفرياتها.‏ كما منع هذا الأمر<br />

نشوء أعني مفيدة.‏ ويتطلب الإبصار املكاني وجود عدسة كبرية وشبكية متسعة ومخ<br />

قادر على تفسري ما يصله من إشارات،‏ ومن ثم يمكن أن ينشأ فقط في الحيوانات التي<br />

تصل إلى حجم يكفي للوفاء بهذه الاحتياجات.‏ ومن املرج َّح أن جانبًا كبريًا من أجهزة<br />

الإبصار الأصلية مثل الشبكية املكشوفة والجهاز العصبي البدائي كان يُوجَد في حيوانات<br />

صغرية عاشت قبل العصر الكمبري،‏ ولكن في الغالب أُعِ‏ يقَ‏ حدوث تطورات أخرى،‏ بسبب<br />

صغر أحجام الحيوانات.‏ كان الدافع املباشر لنشوء الحيوانات الكبرية،‏ على الأرجح،‏ هو<br />

تزايد مستويات غاز الأكسجني في الهواء والبحار.‏ فلا يمكن الحصول على الحجم الكبري<br />

ولا حدوث عملية الافتراس للفرائس إلا في وجود مستويات مرتفعة من الأكسجني ‏(ولا<br />

شيء آخر غري الأكسجني يمكنه إتاحة الحصول على الطاقة الضرورية؛ انظر:‏ الفصل<br />

الثالث).‏ وقد وصل الأكسجني سريعًا إلى مستوياته املعاصرة قبل حلول العصر الكمبري<br />

بفترة قصرية،‏ في أعقاب سلسلة من تراكمات الجليد؛ بما يُعرَف باسم ‏«الكرة الأرضية<br />

الثلجية».‏ وفي هذه البيئة الجديدة املكهربة،‏ املشحونة بالأكسجني،‏ صار من املمكن ظهور<br />

الحيوانات الكبرية التي تعيش على الافتراس لأول مرة في تاريخ الكوكب الأرضي.‏<br />

كل هذا جميل،‏ لكن لو لم تكن العيون الحقيقية موجودة قبل العصر الكمبري لبرز<br />

السؤال الذي ذكرناه،‏ بقوة أكبر:‏ هل يمكن حقٍّا أن تكون العيون قد نشأت بهذه السرعة<br />

223

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!