ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
عملية البناء الضوئي<br />
الحشرة ينفصل الكربون عن الأكسجني الذي ارتبط به، ويتحد مع الهيدروجني<br />
(وأظن) مع الفسفور أيضً ا. وفي النهاية ينعقد في سلسلة، لا يهم إن كانت<br />
طويلة أو قصرية، ولكنها سلسلة <strong>الحياة</strong>.<br />
هل لاحظت الخطأ؟ في الحقيقة هناك خطآن، ومن املؤسف أن ليفي تغاضى عنهما؛<br />
إذ إن الكيمياء الحقيقية للبناء الضوئي جرى توضيحها قبل تاريخ هذا الكتاب بأربعني<br />
عامًا؛ فليس ما يحدث أن حزمة وامضة من الضوء الشمسي تقوم بتنشيط ثاني أكسيد<br />
الكربون، بل إنه يمكن تنشيطه بنفس الدرجة أيضً ا في الليل، وهو حقٍّا لا يتم تنشيطه<br />
بالضوء، أيٍّا كان، حتى في أشد أشعة الشمس سطوعًا. كما لا ينفصل الكربون في لحظة<br />
عن الأكسجني، بل يبقى الأكسجني مرتبطًا بالكربون بشدة. وأما افتراض ليفي بأن<br />
الأكسجني املنطلق من عملية البناء الضوئي يأتي من ثاني أكسيد الكربون — وهو<br />
افتراض شائع — فإنه خطأ مؤكد. فهذا لا يحدث، بل يأتي الأكسجني من املاء، وهذا<br />
يصنع كل الفارق في عاملنا. وإنها الخطوة الأولى لكي نفهم كيف نشأ البناء الضوئي، كما<br />
أنها الخطوة الأولى لحل أزمات الطاقة والبيئة في كوكبنا.<br />
تشق حزم الطاقة الشمسية التي تُستخدَم في عملية البناء الضوئي جزيء املاء إلى<br />
عنصريه: الهيدروجني والأكسجني. وهو نفس التفاعل الذي يحدث على مستوى كوكبنا<br />
ككل ٍّ حينما «تنزف» املحيطات إلى الفضاء، مدفوعة بقوة تأثري الإشعاع فوق البنفسجي.<br />
وما تُحق ِّقه عملية البناء الضوئي — وما فشلنا نحن في تحقيقه حتى الآن — هو أن يكون<br />
لديها عامل محفز يمكنه العمل على فصل الهيدروجني عن املاء بأقل مأخذ من الطاقة،<br />
باستخدام ضوء الشمس اللطيف وليست الأشعة اللافحة فوق البنفسجية أو الكونية.<br />
وحتى يومنا هذا انتهت كل جهودنا الإبداعية البشرية إلى استهلاك املزيد من الطاقة في<br />
تحليل املاء إلى شِ ق َّيْه بأكثر مما يتم الحصول عليه بهذه العملية. وحينما ننجح في محاكاة<br />
البناء الضوئي، باستخدام عامل محفز بسيط يمكنه فصل ذرات الهيدروجني ببساطة<br />
عن املاء سنكون قد حللنا أزمة الطاقة العاملية؛ إذ يمكن بحرق ذلك الهيدروجني الوفاء<br />
باحتياجات الطاقة العاملية دون عناء، مع استعادة املاء مجددًا كناتج ثانوي وحيد؛ فلا<br />
تلو ُّث ولا آثار كربونية، ولا احترار عاملي. إلا أنها ليست باملهمة السهلة؛ إذ يُعتبرَ املاء<br />
تركيبة من الذرات شديدة الثبات بشكل مذهل، وتشهد املحيطات على هذا؛ فحتى أقسى<br />
العواصف وأهوجها، التي تضرب الصخور وتكاد تسحقها، تعجز عن تفكيك املاء إلى<br />
مُكو ِّنَيْه من الذرات. إن املاء في الحقيقة هو أكثر املواد الخام انتشارًا في كوكبنا وأكثرها<br />
91