ارتقاء الحياة
40524903
40524903
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
الحركة<br />
أشار التقد ُّم الحادث في علوم املجهر مجددًا إلى إجابة هذا السؤال بالكشف عن وجود<br />
أشرطة ثخينة في الألياف العضلية، يُعتقَ د أنها ناتجة عن وجود مواد لها كثافات مختلفة.<br />
وبدءًا من أواخر ثلاثينيات القرن التاسع عشر، أجرى ويليام بومان — وهو جراح وعالم<br />
تشريح إنجليزي — دراسة تفصيلية عن التركيبة املجهرية للعضلات الهيكلية لأكثر من<br />
٤٠ نوعًا من الأنواع الحيوانية، متضمنة البشر وغريهم من الثدييات، والطيور، والزواحف،<br />
والبرمائيات، والأسماك، والقشريات، والحشرات. كانت جميع الألياف العضلية تبدو تحت<br />
املجهر مخططة في شكل عُقَل أو قسيمات عضلية؛ تلك التي وصفها لوفنهوك قبل ذلك<br />
ب ١٦٠ عامًا. ولكن لاحظ بومان داخل كل قسيم عضلي وجود أشرطة مخططة أخرى<br />
أكثر دقة، تتبادل في درجة لونها بني الباهت والقاتم. وأثناء الانقباض، تقصر القسيمات<br />
العضلية، باستثناء الأشرطة الأفتح لونًا؛ مما يسبب ما أسماه بومان «موجة قاتمة من<br />
الانقباض». واستنتج محقٍّا أن «الانقباضية تكمن في العُقَل املفردة» (انظر الشكل 1-6).<br />
ولكن خلاف ذلك، نكص بومان عن اكتشافاته. فقد رأى أن الأعصاب داخل العضلة<br />
لم تتفاعل مباشرةً مع القسيمات العضلية مطلقًا؛ لذا يتحت َّم أن يكون بدء التنبيه<br />
الكهربائي غري مباشر على الأقل. والأسوأ من هذا أنه كان قلقًا فيما يتعلق بالعضلات<br />
امللساء، التي تُوجَد ضمن العضلات العاصرة وفي الشرايني. فهي غري مخططة؛ أي خالية<br />
من الأشرطة التي تُمي ِّز العضلات الهيكلية تمامًا، إلا أنها يمكن أن تنقبض بشكل جي ِّد<br />
تمامًا أيضً ا. وتبعًا لذلك ظن َّ بومان أن تلك النظرية لا علاقة لها بالانقباض العضلي<br />
إلا قليلاً ، وأن َّ سر الانقباضية يكمن بالضرورة في البنية غري املرئية للجزيئات التي ظ َّن<br />
أيضً ا أنها ستبقى إلى الأبد بعيدة املنال عن الحواس. وقد كان محقٍّا فيما يخص أهمية<br />
التركيبة الجزيئية، ولكنه كان مخطئًا فيما يخص الأشرطة، وكذلك ما قاله عن الحواس<br />
بالتأكيد. ولكن أوصاف بومان للبنية العضلية شاركه فيها كل من جاءوا بعده تقريبًا.<br />
ويمكن أن نقول بشكل ما إن من عاشوا في العصر الفيكتوري عرفوا الكثري ولم<br />
يعرفوا شيئًا في الوقت نفسه! فلقد عرفوا أن العضلات تتكو َّن من آلاف الألياف، وكلاٍّ<br />
منها ينقسم إلى عُقَل أو قسيمات عضلية، وهذه القسيمات هي الوحدات الأساسية لعملية<br />
الانقباض. وعرفوا أن القسيمات مخططة إلى أشرطة بما يكشف عن وجود مواد لها<br />
كثافات مختلفة. وبعض العلماء على الأقل اشتبهوا في أن الأشرطة تتكو َّن من شعريات<br />
تنزلق على بعضها البعض، وعرفوا أيضً ا أن الانقباضات العضلية منشؤها كهربائي، وأن<br />
الكهربية تتول َّد بناء على فَرْق الجهد عَبرْ الأسطح الداخلية، بل إنهم اشتبهوا مُحِ ق ِّني في<br />
187