ارتقاء الحياة

مقدمة
الاختراعات العشرة العظيمة للتطور
في جوف الفضاء املظلم،‏ تلمع الأرض ككرة بلونيها الأزرق والأخضر.‏ لم تُتَحْ‏ فرصة
معايشة إحساس رؤية الأرض من القمر وما وراءه إلا لعددٍ‏ قليلٍ‏ فقط من الناس،‏ ومع
هذا فقد ظَل َّ الجمال الرقيق للصور التي أرسلوها إلى الأرض محفورًا في الأذهان على
امتداد جيل كامل.‏ لا شيء يُقارَن بهذه الصورة.‏ إن صراعات البشر التافهة على الحدود
وعلى النفط والأديان تتلاشى عند معرفة أن هذه الكرة الحية املحاطة بخواء لا نهائي هي
موطننا املشترك،‏ بل وأكثر من هذا؛ املوطن الذي نتشارك معه،‏ وندين له بأكثر اختراعات
الحياة روعة.‏
لقد حو َّلَتِ‏ الحياةُ‏ كوكبَنا من صخرة قاحلة مت َّقِ‏ دة كانت ذات مرة تَدُور حول نجم
يافع إلى عاملنا املنتصب كمنارةٍ‏ مضيئةٍ‏ تُرى من الفضاء.‏ لقد منحَتِ‏ الحياةُ‏ كوكبَنا اللونني
الأخضر والأزرق؛ وذلك حني نظ َّفَتِ‏ البكترييا القائمةُ‏ بعملية البناء الضوئي املحيطاتِ‏
وهواءَ‏ الغلاف الجوي وملأتْها بالأكسجني.‏ وبفَضْ‏ ل هذا املصدر الجديد القوي ِّ للطاقة،‏
تفج َّرَتِ‏ الحياةُ‏ بأزهارها املتفت ِّحة املتمايلة،‏ واملرجان بتركيبه املُعق َّد الذي يخفي الأسماك
الذهبية الرشيقة،‏ والوحوش الضخمة القابعة في الأعماق املظلمة،‏ والأشجار السامقة التي
تشق عنان السماء،‏ والحيوانات الصاخبة املتحركة الناظرة ملا حولها.‏ ووسط كل هذا،‏
تُحر ِّكنا جميعًا تلك الألغازُ‏ غري املحكية الكامنة وراء هذا الخلق،‏ وما نحن سوى تجميعات
كونية من الجزيئات تشعر وتفكر وتتعجب وتتساءل عن الكيفية التي جئنا بها إلى هنا.‏