24.11.2015 Views

ارتقاء الحياة

40524903

40524903

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />

الإنزيمات ‏(فمن املحتمل أنها انتقلت إليها من البكترييا الزرقاء،‏ أو العكس بالعكس،‏ أو<br />

أن كلتا املجموعتني ورثت إياها من سلف مشترك شديد القِ‏ دَم).‏ الفكرة الرئيسية هنا أن<br />

امليتوكوندريا زودت الخلايا حقيقية النوى الأولى بآلة املوت،‏ العاملة بفاعلية كاملة.‏<br />

من التساؤلات املثرية للاهتمام ما إذا كان بمقدور حقيقيات النوى أن تتطو َّر بهذا<br />

النجاح إلى كائنات متعددة الخلايا دون أن ترث إنزيمات الكاسباز من البكترييا،‏ ولكن<br />

في وجود إنزيمات الكاسباز لم يكن ثمة سبيل لوقفها.‏ ولقد نشأت خاصية تعدد الخلايا<br />

الحقيقية بشكل مستقل خمس مرات على الأقل في حقيقيات النوى:‏ في الطحالب الحمراء،‏<br />

والطحالب الخضراء،‏ والحيوانات،‏ والفطريات،‏ والنباتات.‏ 3 من حيث البنية التنظيمية<br />

لا يُوجَد سوى قليل من الأمور املشتركة بني أشكال <strong>الحياة</strong> هذه،‏ ولكنها جميعًا تضبط<br />

خلاياها وتعاقبها على أي نكوص منها باملوت باستخدام إنزيمات كاسباز متشابهة إلى<br />

حد ٍّ بعيد.‏ ومما يثري الاهتمام أنه في جميع الحالات تقريبًا لا تزال امليتوكوندريا هي وسائط<br />

املوت الرئيسية،‏ واملحاور الرئيسية داخل الخلايا التي تجمع الإشارات املتصارعة،‏ وتمنع<br />

الصخب،‏ وتشغل آلة املوت عند الضرورة.‏ ومن ثم مع أن موت الخلية ضروري لأي شكل<br />

من أشكال <strong>الحياة</strong> متعددة الخلايا،‏ فإن الأمر لم يتطلب إلا القليل من الإبداع التطوري.‏<br />

فآلية املوت املطلوبة جاءت إلى أوائل الخلايا حقيقية النوى عن طريق امليتوكوندريا،‏ ولا<br />

تزال كما هي إلى حد بعيد حتى يومنا هذا،‏ وإن كانت تعقدت بدرجة طفيفة.‏<br />

ولكن َّ هناك فارقًا كبريًا بني موت الخلايا وموت الكائنات نفسها.‏ فاملوت الخلوي<br />

يلعب دورًا مهمٍّا في شيخوخة الكائنات متعددة الخلايا وموتها،‏ إلا أنه لا يُوجَد قانون<br />

يفرض أن تموت ‏«كل»‏ الخلايا الجسدية،‏ أو يمنع الخلايا الأخرى القابلة للتخلص منها<br />

بنفس الدرجة من أن تحل محلها.‏ إن بعض الحيوانات مثل حيوان شقائق نعمان<br />

املياه العذبة الذي يُسم َّى ‏«الهيدرا»‏ تُعَد ُّ خالدة بالأساس؛ صحيح أن خلاياه تموت ويتم<br />

استبدالها،‏ ولكن الكائن ككل ٍّ لا تبدو عليه أي دلائل على الشيخوخة؛ إذ يُوجَد توازن<br />

طويل الأمد بني حياة الخلايا وموتها.‏ ويشبه هذا الأمر جدولاً‏ مائيٍّا متدفقًا.‏ فلا يمكن<br />

أن يخوض املرء في نفس ذلك الجدول مرتني؛ لأن مياهه تتدف َّق وتتجد َّد بلا انقطاع ويتم<br />

استبدالها باستمرار،‏ إلا أن حدود الجدول وحجمه وشكله تبقى كما هي بلا تغيري.‏ وفي<br />

نظر أي شخص،‏ باستثناء فلاسفة اليونان،‏ سيبدو أنه نفس الجدول دون تغري ُّ . وباملثل،‏<br />

فإن خلايا الكائن الحي تتبد َّل مثل املياه،‏ لكن الكائن ككل ٍّ لا يتغري َّ . فأنا أبقى كما أنا،‏<br />

وإن تغري َّ ت خلاياي.‏<br />

318

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!