24.11.2015 Views

ارتقاء الحياة

40524903

40524903

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />

أُضِ‏ يفَ‏ القليل املتناثر من الطفرات الجديدة إلى املعادلة،‏ كما فعل عالم الوراثة الإحصائية<br />

الكبري رونالد فيشر في عام ١٩٣٠، فإن ميزات التكاثر الجنسي تزداد حدة ووضوحًا.‏<br />

ونظرًا لأن الطفرات تُعتبرَ‏ أحداثًا نادرة،‏ فقد افترض فيشر أن الطفرات املختلفة يُحتمَل<br />

أن تحدث بدرجة أكبر في أشخاص مختلفني.‏ وبنفس الطريقة،‏ يكون من املحتمل بدرجة<br />

أكبر أن يضرب البرق شخصني مختلفني بدلاً‏ من أن يضرب شخصً‏ ا واحدًا مرتني ‏(وإن<br />

كان كلاهما — أي الطفرات والبرق — أحيانًا ما يضربان نفس الشخص مرتني).‏<br />

ولتوضيح وجهة نظر فيشر،‏ دَعْنا نفترض حدوث طفرتني مفيدتني في مجتمع يتكاثر<br />

بالاستنساخ.‏ فكيف تنتشر الطفرتان؟ الإجابة هي أنه لا يمكن أن ينتشر أي ٌّ منهما إلا<br />

على حساب الأخرى،‏ أو على حساب أشخاص تنقصهم الطفرات ‏(انظر الشكل 1-5).<br />

فإذا كانت كلتا الطفرتني مفيدتني بنفس الدرجة،‏ فقد ينتهي الأمر باملجتمع إلى انقسامه<br />

مناصفةً‏ بينهما.‏ ومن املهم أن نؤكد أن لا أحد يمكنه الإفادة من كلا الطفرتني دفعة<br />

واحدة ما لم تتكرر الطفرة الثانية في شخص يستفيد بالفعل من الأولى؛ أي إذا ضرب<br />

البرق نفس الشخص مرتني!‏ ويعتمد معدل حدوث هذا بدرجة كبرية أو قليلة على عوامل؛<br />

مثل:‏ معدل التطافر،‏ وحجم املجتمع.‏ ولكن بصفة عامة لا تحدث الطفرات املفيدة إلا<br />

نادرًا في مجتمعات تتكاثر بطريقة استنساخية صارمة.‏ 4 وعلى النقيض من هذا،‏ يستطيع<br />

التكاثر الجنسي أن يأتي بالطفرتني الاثنتني معًا في لحظة واحدة من التسامي والتعالي.‏<br />

ومن ثم،‏ فإن فائدة التكاثر الجنسي،‏ كما قال فيشر،‏ هي إمكان الإتيان بالطفرات الجديدة<br />

معًا في نفس الشخص بصفة تكاد تكون فورية،‏ وهو ما يمنح الانتقاء الطبيعي فرصة<br />

اختبار صلاحية الطفرتني معًا.‏ وإذا ثبتت بالفعل صلاحية الطفرتني الجديدتني،‏ فيساعد<br />

التكاثر الجنسي على نشرهما في سلاسة عَبرْ‏ املجتمع كله،‏ وهو ما يجعل الكائنات أكثر<br />

تأقلمًا ويُسرْ‏ ع من عملية التطور ‏(انظر الشكل 1-5).<br />

وفيما بعد جاء عالم الوراثة الأمريكي هريمان مولر،‏ الذي حصل على جائزة نوبل<br />

في الفسيولوجيا أو الطب عام ١٩٤٦ عن اكتشافه أن الأشعة السينية تُسب ِّب تطافر<br />

الجينات؛ ليعمل على تطوير افتراض فيشر ليشمل الطفرات الضارة.‏ وقد عرف مولر —<br />

من خلال تجاربه على ذباب الفاكهة وإحداثه،‏ شخصيٍّا،‏ آلافَ‏ الطفرات فيها — أكثر<br />

من أي شخص آخر في عصره أن أغلب الطفرات الجديدة تكون ضارة.‏ وقد واجه مولر<br />

سؤالاً‏ فلسفيٍّا أعمق مفاده:‏ كيف يمكن أن يخلص مجتمع استنساخي نفسه من تلك<br />

الطفرات الضارة؟ وللإجابة عن هذا السؤال،‏ قال مولر:‏ تخي َّلْ‏ أن كل الذباب تقريبًا<br />

160

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!