ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />
ولا التخطيط للمستقبل، ولا يَعُون سوى ما هو حاضر في زمانهم ومكانهم. أما املرضى<br />
بمتلازمة أنطون فيكونون عميانًا ولكنهم ينكرون هذا. واملرضى بحالة إنكار املرض<br />
(عمه العاهة) يُصر ِّحون بأنهم بخري ولكنهم في الحقيقة مصابون بحالة خلل تشبه<br />
الشلل. ويقول الواحد منهم: «لا شيء بي أيها الطبيب، إنني فقط أحصل على قسط من<br />
الراحة.» واملرضى بحالة تعذ ُّر إدراك الألم يشعرون بالألم، ولكنهم لا يدركون خاصيته<br />
املؤذية للنفس؛ أي إنهم لا يشتكون من الوجع. واملرضى بالإبصار الأعمى يكونون غري<br />
واعني بقدرتهم على الإبصار (فهُمْ عميان بالفعل) ولكنهم مع ذلك قادرون على الإشارة<br />
بشكل صحيح إلى الأجسام التي أمامهم إذا طُلِب منهم هذا. وهذه الحالة الأخرية تم<br />
إظهارها عمليٍّا في قرود املكاك التي دُر ِّبَتْ على الاستجابة كلما رأت (أو فشلت في رؤية)<br />
جسم ما. وهي واحدة من حالات مشابهة كثرية صارت جلي َّة بفضل براعة جيل صاعد<br />
من علماء علم النفس التجريبي الذين يدرسون الوعي لدى الحيوانات.<br />
يا لها من حالات خلل عجيبة الشأن! ولكن من خلال الدراسات الدقيقة التي أجراها<br />
علماء الأعصاب على مدى القرن الأخري أو أكثر تم َّ بحث حقيقتها، وإمكان تكرارها،<br />
وأسبابها (السبب في معناه املحدود املتمثل في حدوث حالة تلف في جزء معني من املخ).<br />
وتحدث حالات عجيبة بنفس القَدْر من قطع للاتصالات العصبية إذا تم َّ تنبيه أجزاء<br />
معينة من املخ بالأقطاب الكهربية. ولقد أُجْرِيَ هذا — منذ بضعة عقود بالأساس — على<br />
مئات من الناس كانوا يعانون حالات صرعية شديدة غري قابلة للعلاج، وكانت تسبب في<br />
أسوأ درجاتها نوبات تشنجية معممة تؤدي إلى فقدان مفجع للوعي، وأحيانًا ما كانت<br />
تؤدي إلى حالة خرف أو شلل جزئي. وكان الكثري من املرضى الذين تُجرى لهم جراحة<br />
عصبية لعلاج الصرع يعملون — بإرادتهم وبكامل وعيهم — كحيوانات تجارب وهم<br />
يصفون أحاسيسهم شفهيٍّا للجراح. وهكذا صرنا نعرف أن تنبيه منطقة معينة من<br />
املخ يُول ِّد إحساسً ا قاهرًا بالاكتئاب، وهو يتبد َّد بمجرد إيقاف التنبيه، وأن تنبيه أجزاء<br />
أخرى يُسب ِّب خيالات عقلية أو يجلب إلى الذهن مقطوعات موسيقية. وتنبيه بقعة محددة<br />
بدرجة كافية يؤدي إلى تجربة الخروج من الجسم؛ إذ يعطي إحساسً ا بأن الروح تطفو<br />
على ارتفاع ما قرب السقف.<br />
في وقت حديث، استُخدِمَتْ أساليب معق َّدة بارعة للحصول على نتائج مشابهة،<br />
باستخدام خوذة تسلط مجالات مغناطيسية ضعيفة لتحدث تغريات كهربائية في مناطق<br />
مخية معينة بدون جراحة. وقد حققت تلك الخوذة شهرة في أواسط التسعينيات، حينما<br />
288