ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
عملية البناء الضوئي<br />
عن مصدر ثري ومريح للإلكترونات إلى مصدر أكثر إثارة للمشاكل وهو املاء؛ الذي يُعَ ُّد<br />
ناتجه الثانوي أو «نفايته» — وهو الأكسجني — غازًا سامٍّا بالنسبة للبكترييا ويمكن أن<br />
يُسب ِّب أضرارًا مادية جسيمة لجميع أنواع البكترييا التي تنتجه؟ إن حقيقة أنه في ضوء<br />
توافر قوة الشمس، وعامل محفز ماهر، يكون املاء أكثر وفرة من كلتا املادتني الخام<br />
سالفتَيِ الذ ِّكْر ليست لها أهمية؛ إذ لا يتمت َّع التطور بنظرة مستقبلية. الأمر عينه ينطبق<br />
على حقيقة أن البناء الضوئي الأكسجيني قد غري َّ وجه العالم؛ إذ إن هذا لا يُشك ِّل أي<br />
فارق من منظور العالم. فما نوع الضغوط أو الطفرات البيئية التي يمكن أن تكون قد<br />
دفعَتْ إلى حدوث هذا التحو ُّل نحو املاء؟<br />
الإجابة السهلة التي ستجدها في كثري من الكتب الدراسية هي أن املادتني الخام<br />
السابقتني كانتا قد بدأتا في النضوب؛ فتحو َّلَت <strong>الحياة</strong> نحو املاء؛ نظرًا لعدم وجود بدائل<br />
سهلة متاحة، تمامًا كما يُتوق َّع لنا أن نتحو َّل إلى استخدام املاء كوقود بعد أن تنضب أنواع<br />
الوقود الحفري. ولكن هذه الإجابة لا يمكن أن تكون صحيحة؛ فالس ِّ جل الجيولوجي<br />
يوض ِّ ح أن البناء الضوئي «الأكسجيني» كان قد نشأ قبل أن تنضب جميع تلك املواد<br />
الخام السابقة، بأكثر من مليار سنة. ف<strong>الحياة</strong> لم تكن مجبرة على هذا التحو ُّل قسرًا.<br />
ثمة إجابة أخرى، بدأت تنبثق الآن، وتكمن مختفية في آلية البناء الضوئي ذاتها،<br />
وهي إجابة أجمل حقٍّا. إنها إجابة تجمع بني املصادفة والحتمية؛ إجابة تلقي الضوء<br />
وتضفي البساطة على واحدة من أكثر عمليات الاستخراج تعقيدًا والتفافًا في العالم.<br />
في النباتات، تجري عملية استخراج الإلكترونات فيما تُسم َّى حبيبات (أو بلاستيدات)<br />
الكلوروفيل، وهي تراكيب دقيقة خضراء تُوجَد في خلايا جميع أوراق النباتات، وجميع<br />
أوراق الحشائش، وتُضْ في لونها الأخضر على أوراق النباتات ككل ٍّ. وسُ م ِّيَتْ هكذا تبعًا<br />
للصبغ النباتي الذي أسبغ عليها لونها. ذلك الصبغ هو الكلوروفيل، الذي يُعتبرَ مسئولاً<br />
عن امتصاص طاقة الشمس في عملية البناء الضوئي. ويُوجَد الكلوروفيل مدفونًا في نظام<br />
غشائي غري عادي يكو ِّن الجانب الداخلي لحبيبات الكلوروفيل. تأخذ تلك الحبيبات شكل<br />
أقراص مسطحة تتكد َّس في الخلايا النباتية، وتبدو ملن يتأملها مثل محطة طاقة فضائية<br />
في فيلم من أفلام الخيال العلمي، ويرتبط بعضها ببعض عن طريق أنابيب سريعة<br />
النقل، تتقاطع عَبرْ سيتوبلازم الخلية بجميع الزوايا والارتفاعات. وداخل هذه الأقراص<br />
93