ارتقاء الحياة

املوت
التفاصيل املتعلقة بهذا الشأن،‏ والكثري جدٍّا من املساومات.‏ ولكن إذا قضينا جزءًا من
الوقت والجهد املخص َّ صني للأبحاث الطبية الهادفة لدراسة الآليات املسببة للشيخوخة،‏
فسأُصاب بالدهشة إذا لم نتوص َّ ل إلى حل ملشكلة الشيخوخة خلال العقدين القادمني،‏
حل يشفي جميع أمراض الشيخوخة على الفور.‏
قد يعتري بعض الناس شعور بالقلق بشأن مدى أخلاقية إطالة العمر،‏ ولكنني أظن
أن هذا الأمر لن يُمث ِّل مشكلة حقيقية.‏ فاملكسب في زيادة العمر الذي نحصل عليه نتيجة
لتقييد السعرات،‏ مثلاً‏ ، يتضاءل ظاهريٍّا مع زيادة املدى العمري.‏ ففي حني أن الجرذان
يتضاعف لديها املدى العمري ‏(نتيجة لتقييد السعرات)،‏ فإن نفس الزيادة العمرية لا
تُرى في القردة الريصية.‏ لم تكتمل الدراسات على القردة بعد،‏ ولكن من املرج َّح أنه
فيما يتعل َّق باملدى العمري فإن الفوائد الناتجة ستكون أكثر تواضعًا.‏ ومع ذلك،‏ فقد
يختلف الأمر فيما يتعل َّق بالفوائد الصحية؛ إذ توحي التغريات الكيميائية الحيوية لدى
القردة الريصية بأن القرود املسنة تعاني قَدْرًا أقل من أمراض الشيخوخة،‏ حتى لو
لم يكن مداها العمري قد طال بقدرٍ‏ كبري.‏ وأعتقد أنه سيكون من الأسهل إطالة املدى
الصحي أكثر من إطالة املدى العمري.‏ فإذا استطعنا ابتكار حبة مضادة للشيخوخة
تضاهي فوائد تقييد السعرات،‏ مع تجن ُّب عيوبه،‏ فمن الأرجح حينئذٍ‏ أن نرى تحس ُّ نًا
عامٍّا في الصحة واملزيد والكثري من الأصحاء الذين يبلغون سن املائة،‏ وهو شيء يُذك ِّرنا
باليابانيني املحظوظني املتمتعني بالنسخة املختلفة من امليتوكوندريا،‏ ولكنني أشك في أن
نرى إنسانًا يعيش حتى سن ألف عام،‏ أو حتى مائتي عام.‏ إنها مهمة ثقيلة،‏ في حال
12
قبلنا الاضطلاع بها.‏
الأرجح أن البشر لن يستطيعوا العيش إلى الأبد،‏ كما لا يرغب الكثريون في هذا من
الأساس.‏ وتكمن املشكلة في بنية املستعمرات الأولى،‏ وهي التمييز بني الخلايا الجنسية
والخلايا الجسدية.‏ فما إن تبدأ الخلايا في التمايز،‏ حتى يصري الجسم بخلاياه الجسدية
القابلة للفناء تابعًا للخلايا الجنسية.‏ وكلما زادت درجة تخصص تلك الخلايا الجسدية،‏
عظمت منافعها للجسم ككل ٍّ،‏ وللخلايا الجنسية بصفة خاصة.‏ وأكثر خلايا الجسم
تخصصً‏ ا على الإطلاق هي الخلايا العصبية للمخ البشري.‏ والخلايا العصبية تختلف عن
غريها من الخلايا العادية في أنه لا يمكن تعويضها،‏ وكل ٌّ منها يتصل بما يصل إلى عشرة
آلاف تشابك عصبي،‏ وكل تشابك عصبي تستقر به خبراتنا وتجربتنا الإنسانية الفريدة.‏
إن مخاخنا غري قابلة للتعويض.‏ فإذا ماتت خلايانا العصبية،‏ لا يُوجَد مخزون من
337