ارتقاء الحياة

ارتقاء الحياة
احتياج لأي بروتينات معقدة في هذه املرحلة.‏ وأخريًا،‏ يعني انبعاث الهيدروجني وغريه من
الغازات الأخرى داخل متاهة خلايا الأملاح املعدنية أن كل املواد الخام تتجدد على نحوٍ‏
متواصل وتختلط على نحوٍ‏ تام.‏ إنها ينبوع الحياة بحق،‏ خلا تفصيلة واحدة تافهة لها
تبعات عميقة للغاية.‏
تتعلق املشكلة بدفعة الطاقة الصغرية املطلوبة مقدمًا لتدفئة العلاقات بني
الهيدروجني وثاني أكسيد الكربون.‏ ذكرت أن هذه ليست مشكلة في الفوهات نفسها؛
لأن الظروف الحرمائية تعمل على تكوين جذور حرة متفاعلة تبدأ العملية،‏ بَيْدَ‏ أن َّها
مشكلة حقيقية للخلايا املستقلة التي لا تعيش داخل الفوهات؛ فهي تحتاج عوضً‏ ا عن
ذلك إلى استهلاك ثلاثي فوسفات الأدينوسني لبدء التفاعل،‏ ما يشبه شراء املشروب من أجل
إذابة الجمود في املوعد الغرامي الأول.‏ ما مشكلة ذلك الأمر؟ املشكلة حسابية بالأساس؛
فتفاعل الهيدروجني مع ثاني أكسيد الكربون يُطلِق طاقةً‏ تكفي لتوليد جزيء واحد
من ثلاثي فوسفات الأدينوسني.‏ لكنك إذا استهلكت جزيئًا واحدًا من ثلاثي فوسفات
الأدينوسني لتوليد جزيء واحد من ثلاثي فوسفات الأدينوسني،‏ فلن يصري لديك مكسب
صافٍ‏ . وإذا لم يكن لديك أي مكسب صافٍ‏ فلن تستطيع بدء دورة كربس،‏ ولن تنتج
أي جزيئات عضوية معقدة.‏ قد تستطيع الحياة الاستمرار داخل الفوهات،‏ لكن سيُكتَب
عليها الارتباط بالفوهات إلى الأبد بواسطة حبل سرُ‏ ِّي ديناميكي حراري لا يمكن قطعه
مطلقًا.‏
من الواضح أن الحياة ليست مقصورة على الفوهات.‏ إذا لم يكن كل هذا تصورًا
زائفًا بالكامل،‏ فما املخرج؟ كانت الإجابة التي اقترحها مارتن وراسل مدهشةً؛ لأنها تُفَ‏ ِّسر
لنا ملاذا تستفيد الحياة اليوم من وسيلة تنف ُّس غريبة بالكامل لتوليد الطاقة،‏ ربما تُعَ‏ ُّد
أكثر آلية محرية منافية للمنطق في علم الأحياء بأسره.‏
في رواية ‏«دليل املسافر إلى املجرة»‏ يهبط أسلاف البشر املعاصرين الحمقى بالكامل على
كوكب الأرض ويحلون محل الرجال القرود.‏ بعد ذلك يشكلون لجنة فرعية لإعادة اختراع
العجلة ويعتمدون أوراق الأشجار عُملاتٍ‏ قانونية،‏ وهو ما يجعل الجميع أثرياء ثراء
فاحشً‏ ا.‏ بَيْدَ‏ أنهم يصادفون مشكلة عويصة مع التضخم؛ إذ باتت حمولة سفينة واحدة
من الفول السوداني تعادل أوراق ثلاث غابات متساقطة الأوراق.‏ من ثم؛ عمد أسلافنا إلى
برنامج ضخم لتقليل التضخم وحرقوا جميع الغابات.‏ كل هذا يبدو مقبولاً‏ ، وإن كان على
نحوٍ‏ بغيض.‏
48