24.11.2015 Views

ارتقاء الحياة

40524903

40524903

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الخلية املعقدة<br />

أحيان قليلة،‏ حدثت بعض الأشياء بسرعة.‏ الانفجار الكمبري،‏ على سبيل املثال،‏ كان<br />

بالأساس انتشارًا سريعًا لطرز بدائية من الخلايا حقيقية النوى.‏ كان ذلك الانفجار<br />

لحظة جيولوجية من عمر الزمان؛ إذ استمر مليونَيْ‏ عام فقط.‏ ظهرت حيوانات كبرية<br />

فجأة،‏ وتركت آثارها في سجل الحفريات لأول مرة.‏ لم تكن تلك الأنواع مختلفة اختلافات<br />

ظاهرية وحسب،‏ وإنما كانت حيوانات عجيبة الأشكال،‏ رائعة الأجسام،‏ اختفى بعضها<br />

مجددًا سريعًا كما ظهر سريعًا.‏ فكأن تلك الحيوانات كانت نائمة خامدة في سِ‏ جِ‏ ل ِّ القَدَر<br />

ثم استيقظت فجأة لتعوض دهورًا سابقة خالية.‏<br />

ثمة مصطلح تقني لهذا الانفجار هو ‏«الإشعاع»،‏ الذي يظهر فيه نوع من الأنواع<br />

فجأة،‏ لسبب من الأسباب،‏ ويستمر مطلق العنان فترة قصرية من التطور.‏ وهكذا نشأت<br />

أنواع جديدة إبداعية من أسلافها القديمة كأشعة ضوء خرجت من مصباح.‏ صحيح<br />

أن الانفجار الكمبري هو الأكثر شهرة في هذا الصدد،‏ إلا أن هناك أمثلة أخرى كثرية؛<br />

مثل:‏ استعمار الأرض بالكائنات،‏ ونشوء النباتات الزهرية،‏ وانتشار الحشائش،‏ ونشوء<br />

الثدييات وتباين أنواعها.‏ وهذا قليل من كثري.‏ وتلك الأحداث تَمِ‏ يل للحدوث حينما يكون<br />

التطور الجيني في مواجهة حدث بيئي غري مبرر،‏ كأن تسود حالة انقراض جماعي.‏<br />

ولكن أيٍّا كان السبب،‏ فإن تلك الإشعاعات الهائلة يميزها أنها حقيقية النوى.‏ ففي كل<br />

مرة لم تزدهر إلا حقيقيات النوى؛ أما البكترييا فبقيت كما هي.‏ ولا يسع املرء منا إلا<br />

أن يستنتج أن الذكاء البشري والوعي،‏ وسائر الخصائص التي نعتز بها ونبحث عنها في<br />

أنحاء الكون،‏ لم تكن لتنشأ في البكترييا — التي تعيش على كوكبنا الأرضي على الأقل —<br />

بل إنها صفات حقيقية النواة محضة.‏<br />

هذه التفرقة تثري الأسى؛ ففي حني أن البكترييا تجعلنا نعجب بها ونغبطها ملا<br />

فيها من صفات كيميائية حيوية عملاقة،‏ فإنها تتصف بالتقزم الشديد فيما يختص<br />

بإمكاناتها املورفولوجية.‏ ويبدو أنها عجزت عن التطور لتصل إلى مستوى الكائنات<br />

الراقية،‏ نباتية كانت أم حيوانية،‏ كالتي نراها حولنا ونُعجَب بها.‏ ولعل هذا يجعل<br />

الانتقال من البكترييا البسيطة إلى حقيقيات النوى املعقدة أهم عملية انتقالية في تاريخ<br />

كوكبنا.‏<br />

يتصف أنصار املذهب الدارويني بأنهم لا يحبون الفجوات كثريًا.‏ وإن فكرة الانتقاء<br />

الطبيعي باعتباره سلسلة تدريجية من خطوات صغرية،‏ تمثل فيها كل خطوة تحسنًا<br />

123

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!