ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />
وفي عام ١٩٩٤، على سبيل املثال، اعترف كريتس ليفلي — وهو أحد الرواد الذي<br />
تبن َّوْا نظرية امللكة الحمراء — بأن عمليات املحاكاة املعتمدة على الكمبيوتر أظهرت أن<br />
الطفيليات لا تعطي ميزة مؤكدة وواضحة للتكاثر الجنسي إلا حينما تكون احتمالات<br />
العدوى بالطفيليات مرتفعة (بنسبة أكبر من ٧٠ باملائة) وتكون أضرار الطفيليات<br />
على كفاءة العوائل فادحة (بنسبة نقصان للكفاءة تزيد عن ٨٠ باملائة). ومع أن هذه<br />
الظروف والشروط تنطبق في حالات قليلة، فإن أغلب حالات العدوى بالطفيليات لا تكون<br />
بالشدة الكافية لإعطاء التكاثر الجنسي اليد العليا. كما أن حدوث الطفرات يعني أن<br />
املستنسخات أيضً ا يمكن أن تصري متباينة جينيٍّا بمرور الزمن، وتظهر نماذج الكمبيوتر<br />
أن املستنسخات املتباينة تميل لأن تصيب نجاحًا أكثر من الكائنات الجنسية. إلا أن<br />
عمليات التدقيق البارعة املختلفة تعطي نظرية امللكة الحمراء املزيد من القوة، لكنها<br />
ليست قوة كافية. ومع حلول منتصف التسعينيات لم يكن ثمة أحد من أطراف هذه<br />
القضية إلا وكان يشعر بشيء من الإحباط، وهو إحباط ناجم عن أنه لا تُوجَد نظرية<br />
واحدة استطاعت أن تبر ِّر نشوء التكاثر الجنسي واستمراره.<br />
بالطبع ما من شيء يُحَت ِّم أن تُفَسر ِّ نظريةٌ واحدةٌ فقط التكاثرَ الجنسي َّ . فلا تُوجَد نظرية<br />
تُقْصيِ غَريْ َها من النظريات عن الساحة تمامًا، ومع أن هذا الحل قد يبدو غري منضبط<br />
من وجهة النظر الرياضية، فإن الطبيعة يمكنها أن تسري على هذا النحو غري املنضبط<br />
كما تشاء. وبدءًا من منتصف التسعينيات بدأ الباحثون في الدمج بني النظريات لريوا ما<br />
إذا كان بعضها يدعم بعضً ا بطريقة ما. وهذا يحدث بالفعل؛ فمن املهم معرفة النظريات<br />
التي قد تتوافق مع نظرية امللكة الحمراء، وهي تتفق مع بعض النظريات بأكثر مما تتفق<br />
به مع غريها. وقد أظهر كريتس ليفلي أننا إذا استعن َّا بنظريتَيِ امللكة الحمراء وسقاطة<br />
مولر معًا، فإن احتمالية نشوء التكاثر الجنسي ترتفع، وهو ما يجعل كلتا النظريتني<br />
أكثر قابلية للتطبيق. ولكن حينما عاد الباحثون مجددًا لفحص املعاملات املختلفة،<br />
تبني َّ َ أن أحدها خطأ بالتأكيد؛ فقد كان البناء محكمًا من الناحية الرياضية لدرجة لا<br />
تُناسِ ب عالَمَنا الواقعي َّ . ونعني بهذا افتراض أن حجم مجتمع الكائنات لامحدود؛ فأغلب<br />
املجتمعات السكانية من الكائنات ليست أبعد ما تكون عن صفة اللامحدودية وحسب، بل<br />
إن حتى أوسع املجتمعات السكانية انتشارًا تكون مبنية على أسس جغرافية، ومقس َّ مة إلى<br />
وحدات محدودة مراعاة للأمان، وتكون معزولة جزئيٍّا. وهذا يصنع فارقًا يُثِري الدهشة.<br />
170