ارتقاء الحياة
40524903
40524903
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />
آخر، فإن التداخل بني الجينات على نفس الكروموسوم، واملسمى «التداخل الانتقائي»،<br />
يحجب فوائد الطفرات املهمة ويعوق الانتقاء.<br />
إلا أن البديل الثاني يتمي َّز بنوع من البراعة الساحرة. فتخي َّل أن هناك خمسني<br />
شكلاً مختلفًا من نفس الكروموسوم موز َّعة عشوائيٍّا على مجتمعٍ ما من السكان، فإذا<br />
ظهرت طفرة جديدة تكون مفيدة بدرجة تكفي لأن تنتشر في املجتمع بكامله، فلا بد<br />
لها تحديدًا أن تزيح جميع الأشكال الأخرى من نفس الجني. وتكمن املشكلة في أنها لا<br />
تكتفي بإزاحة جميع الأشكال الأخرى من نفس الجني، ولكن جميع الأشكال الأخرى من<br />
جميع الجينات على نفس الكروموسوم، بمقتضى التنافس املحموم. فإذا حدثت الطفرة<br />
الجديدة على واحد من هذه الكروموسومات الخمسني، فلا بد حينئذٍ أن يُفقَد التسعة<br />
والأربعون كروموسومًا من ذلك املجتمع. وفي الواقع، إن الأمر أسوأ من هذا؛ إذ لا ينطبق<br />
هذا املبدأ على الجينات املرتبطة بنفس الكروموسوم فحسب، بل على جميع الجينات التي<br />
تتشارك في مصريها داخل الكائن املستنسخ؛ أي جميع جينات الكائن. وعلى نحوٍ كارث ٍّي<br />
يتم هكذا فقدان كل التنوع الجيني عمليٍّا.<br />
عمومًا إذن، نقول إن الطفرات «السيئة» تفسد الكروموسومات «الجيدة»، بينما<br />
تبقى الطفرات الجيدة لصيقة بالكروموسومات «السيئة»؛ مما يسبب تآكل الكفاءة في<br />
كلتا الحالتني. وفي الحالات النادرة التي تُحدِث فيها طفرةٌ ما فارقًا كبريًا، يكون للانتقاء<br />
القوي تأثري كارثي على التنوع الجيني. ويمكن إدراك نتاج ذلك بوضوح في كروموسوم<br />
Y الضعيف في الرجال، الذي لا يحدث له تأشيب مطلقًا. 7 إن الكروموسوم Y مجرد<br />
ظل ٍّ لكروموسوم X الأنثوي (الذي يحدث له تأشيب؛ لأن النساء لديهن نسختان من<br />
كروموسوم X)، وهو لا يزيد كثريًا عن كونه جِ ذلاً به قليل من الجينات الباقية عليه،<br />
مختلطة بمقدار كبري من اللغو الجيني عديم املعنى. ولو كانت كل الكروموسومات بمثل<br />
ذلك القَدْر من الترد ِّي، ملا كان ثمة أشكال ممكنة من <strong>الحياة</strong> املعقدة.<br />
ولا تتوق َّف البراعة الساحرة عند هذا الحد؛ فكلما كان الانتقاء أقوى كان هناك<br />
احتمال أكبر أن تحدث إزاحة انتقائية لأحد الجينات أو غريه. وأي قوة انتقائية قوية<br />
يكون لها تأثريها هنا، سواء أكانت الطفيليات أو املناخ، أو املجاعات، أو الانتقال<br />
والتشتت إلى أماكن معيشة جديدة، ومن ثم جاءت الرابطة بنظرية امللكة الحمراء، أو<br />
غريها من نظريات التكاثر الجنسي. ويكون النتاج في كل حالة هو فقدان للتنوع الجيني؛<br />
مما يسبب خفضً ا للحجم الفعال للمجتمع السكاني. وبصفة عامة، تحتوي املجتمعات<br />
172