ارتقاء الحياة
40524903
40524903
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>ارتقاء</strong> <strong>الحياة</strong><br />
الاحتفاظ بهذا الشريك؛ فتلك هي الكلفة املزدوجة املشهورة للجنس. وإن املناصرات<br />
الغاضبات لحقوق املرأة اللاتي ينتقدن مجرد وجود الرجال في هذه الدنيا يستندن إلى<br />
منطق يبدو معقولاً من الظاهر. فظاهريٍّا، يُعَد ُّ الرجال تكلفة ثقيلة حقٍّا، واملرأة التي<br />
حلت مشكلة التوالد البِكري تستحق التقدير. وإذا كان ثمة رجال قليلون يحاولون تبرير<br />
وجودهم بتحمل أعباء رعاية الأطفال وتربيتهم، وتوفري الاحتياجات املادية، فإن هذا لا<br />
ينطبق على كثري من تلك الكائنات الأقل مستوى، سواء الذكور من البشر أو غريهم<br />
من الكائنات؛ إذ يهرب أغلبهم من تحم ُّل املسئوليات. ومع ذلك فلا تزال الأنثى الحامل<br />
تلد ذكورًا وإناثًا بنِسَ ب متساوية. وهكذا يضيع خمسون باملائة من جهودها هباء في<br />
إنجاب وتنشئة ذكور عاقني في هذا العالم، يساهمون في إطالة أمد املشكلة. وأي أنثى،<br />
من أي نوع حي، وليس لها ذكر يرعاها، تستطيع أن تمضي في حياتها دون ذكور على<br />
الإطلاق وعلى طول الأمد، من شأنها أن تضاعف نجاحها التكاثري. ومن شأن سلالة من<br />
الإناث اللاتي تولدن بالاستنساخ أن تتضاعف عدديٍّا في كل جيل، بحيث تمحو شركاءها<br />
الجنسيني (من الذكور) من مجموع السكان على مدى أجيال قليلة. ومن منظورٍ حساب ٍّي<br />
بَحْتٍ ، تستطيع أنثى واحدة خاضعة للاستنساخ أن تحل محل عدد من السكان يصل<br />
إلى مليون من الذكور القادرين على التكاثر على مدى خمسني جيلاً فقط.<br />
تدب َّرْ هذا الأمر على مستوى الخلايا. ففي التكاثر الاستنساخي، أو التوالد البكري،<br />
تنقسم الخلية إلى اثنتني. أما في التكاثر الجنسي فيحدث العكس؛ إذ تلتحم خلية<br />
ذكرية (الحيوان املنوي) بخلية أنثوية (البويضة) لإنتاج خلية واحدة متكاملة (البويضة<br />
املخصبة). وهكذا نجد أن خليتني جنسيتني قد أنتجتا خلية واحدة؛ أي إنه تضاعف<br />
عكسي. وتظهر التكلفة املضاعفة للتكاثر الجنسي جليٍّا في أعداد الجينات. فكل من<br />
الخليتني الجنسيتني، الحيوان املنوي والبويضة، ينقل ٥٠ باملائة فقط من الجينات حينما<br />
تندمج الخليتان الجنسيتان. وهكذا تتم استعادة النصيب الكامل من الجينات حينما<br />
تندمج الخليتان الجنسيتان. في هذا السياق، فإن الكائن الذي يجد طريقة لنقل ١٠٠<br />
باملائة من جيناته إلى جميع ذريته، عن طريق الاستنساخ، تكون لديه ميزة مضاعفة.<br />
ونظرًا لأن كل مستنسخ ينقل عددًا من الجينات يعادل ضعف عدد ما ينقله الكائن<br />
املمارس للجنس، فإن جينات املستنسخني لا بد أن تنتشر سريعًا بني مجموع السكان،<br />
بحيث تحل في نهاية الأمر محل جينات من يتكاثرون جنسيٍّا.<br />
والأدهى من ذلك، أن َّ نَقْل نصف جيناتك فقط إلى الجيل التالي يفتح الباب لجميع<br />
صنوف الخدع املريبة من الجينات الأنانية. 3 ففي التكاثر الجنسي، بصفة مبدئية على<br />
154